رسالة الدكتوراه : من التسجيل إلى المناقشة
أعددنا هذه الكلمة للطلبة الباحثين جوابا على تساؤلاتهم واستفساراتهم ، نامل من الله عز وجل أن تنير سبيلهم والله الموفق بحمده ومنه .
………………………………..
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وبعد:
فأقدم هنا صورة عامة عن الرسالة الجامعية من مرحلة تسجيلها إلى لحظة مناقشتها ، وذلك أن كثيرا من الطلبة لا يدركون المراحل التي تمر منها رسائلهم الجامعية ، وقد ظهر لنا هذا في تساؤلاتهم وتعليقاتهم وتعقيباتهم ، ولدرء الالتباس نود أن نضع بين أيديهم هذه الصورة المُجملة لعلها تنير الطريق أمامهم ، فالذين ناقشوا رسائلهم منهم من فهمها ومنهم من لم يفهمها ، أما المقبلين على التّسجيل أو سجلوا فعلا فالأمر يهمهم بالدرجة الأولى.
المرحلة الأولى مرحلة التسجيل والإنجاز ، وهي مرحلة تأتي بعد اختيار الموضوع وتحديده ، ونعني بالتسجيل توثيق موضوع البحث والأستاذ المشرف بوثائق إدارية ، يوقع فيها الطالب الباحث والأستاذ المشرف ، وعميد الكلية ومدير المختبر الذي ينتمي إليه موضوع الرسالة ، والتسجيل يتجدد في وقت محدد تعينه الإدارة كل عام ، لا أدخل في التفاصيل الإدارية والقانونية التي لا يعذر الأستاذ المشرف والطالب الباحث بجهلها ولكن أتوقف عند الجانب العلمي الذي يهمنا هنا كأساتذة مشرفين .
بعد التسجيل يبدأ الإنجاز ، وفي الإنجاز يقطع الطالب عدة خُطوات، منها جمع المادة العلمية ثم الشروع في المطالعة والقراءة وهي خطوة مهمة لأن كل ما يأتي يُبنى عليها .
قد نُفصل في الخطوات التابعة في توجيه آخر إن شاء الله لكن الذي نؤكد عليه هو أن الطالب في كل الخطوات التي يقطعها في البحث يكون على اتصال دائم بالأستاذ المشرف.
حين تستوفي الرسالة الوقت القانوني ، وتتوفر فيها الشروط العلمية للمناقشة فإن الأستاذ المشرف يأذن بإشعار الإدارة بطبع النسخ وإيداعها في مركز الدكتوراه ، وهنا تمر الرسالة إلى مرحلة ثانية، وهي مرحلة الفحص العلمي .
المرحلة الثانية مرحلة الفحص ، ونعني به أن المشرف يُشعر الإدارة بأن الطالب قد أنهى عمله وفق الشروط العلمية ، وأن البحث يتوفر على الشروط العلمية والقانونية للمناقشة فيقترح المشرف على السيد عميد الكلية لجنة الفحص التي تتكون من أساتذة متخصصين يكون على الأقل واحد منهم من خارج الجامعة التي سُجلت فيها الرسالة ، ومن شروط الفاحص التحلي بالنزاهة العلمية ، وبالتخصص في الموضوع أو تربطه بالموضوع ملابسة علمية من نوع ما ، وبالموضوعية الكاملة ، ولا تربطه بالطالب علاقة نسبية أو غير نسبية يمكنها أن تؤثر على عملية الفحص ، قد يوافق السيد العميد على لجنة الفحص المقترحة من قبل المشرف وقد يغيرها أو يغير بعض أفرادها لاعتبارات كثيرة ، حين تتعين اللجنة ويوافق أعضاؤها على ذلك يتسلم كل أستاذ فاحص نسخته مع خطاب الفحص موقع من السيد عميد الكلية ، يلتزم فيه عضو لجنة الفحص بقراءة الرسالة وتقويمها ووضع تقرير سري في ذلك يُسلم لرئيس المؤسسة يُبين فيه هل الرسالة صالحة للمناقشة أوغير صالحة ، وهل استوفت الشروط أم لا ، ويضع تقريرا تقويميا عاما عن الرسالة ، ينظر في العنوان من حيث جودته وصلاحيته وعلاقته بمضمون العمل ، يُقوم الرسالة من حيث الكم والكيف ، اللغة والأسلوب والمصادر والمراجع ومنهج البحث وخطته ، وجدية الطالب في البحث وجديده ، وقوته وشخصيته في عمله ، كما يُقوم التّوثيق والفهارس والخلاصات والنتائج والدرسات السابقة مركزا على الأمانة العلمية بالدرجة الأولى ، وتكون طبيعة الفحص طبيعة نقدية ، خالية من المجاملات والإطراء والكلام الزائد ، وتظهر شخصية الفاحص من خلال تقويمه ، فهو حر فيه ، لا يراعي في ذلك غير تقويم العمل من الناحية العلمية ، وهذا وجه من وجوه الاعتراض عليه وتجنبه في أي فحص مقبل إذا جانب تقويمه الصّواب أوحاد عن موضوعية الفحص .
تُقدم تقارير الفحص بطريقة سرية ، في ظرف مختوم وموقع ، لا يطلع عليها سوى رئيس المؤسسة ، إذا كانت التقارير إيجابية أو كان الغالب عليها ذلك تُقدم الرسالة إلى المناقشة ، وهي المرحلة الأخيرة لها.
المرحلة الثالثة مرحلة المناقشة:
تُشعر الإدارة الأستاذ المشرف باكتمال عملية الفحص ، ويتم التّوافق بين المشرف والسيد رئيس المؤسسة على أسماء لجنة المناقشة ، غالبا ما تكون من لجنة الفحص وقد تُضاف إليها أسماء أخرى عند الضرورة ، تتشكل اللجنة بتعيين الرئيس والمقررين بالإضافة إلى الأستاذ المشرف ، ويتحدّد زمان ومكان المناقشة بالتراضي والتوافق وفق الضوابط القانونية المعمول بها .
في الفحص يقدم الأستاذ تقريرا مُجملا ، أما في المناقشة فيفصل في ذلك تفصيلا ، ويقوِّم الرسالة من مختلف الجوانب ، والمناقشة هي عملية تكميل لجهود المشرف ، يلتزم بها الطالب في تصحيح أخطائه، وتدارك هفواته ، وإكمال نواقصه ، وبالملاحظات النقدية تُصبح الرسالة في حلّة أخرى غير الحلّة التي كانت عليها ، هذا إذا كان الطالب باحثا ويبحث عن العلم والمعرفة ، أما إذا كان باحثا عن الشهادة فالملاحظات المقدمة والتي تستغرق الساعات الطوال لا تتجاوز قاعة المناقشة، فشهادة الدكتوراه هي علم ومعرفة قبل أن تكون ورقة مطبوعة ومختومة .
Scroll To Top
نفعكم الله تعالى بما نفعتم به الطلبة والباحثين وأنار طريقكم كما أن تم طريقهم العلمي البحث وأصلح بكم وعلى أيديكم و ذرياتكم وأجزل لكم المثوبة والعطاء.
تلميذكم محمد ابن الامام
فوائد تحفيزية علمية غاية في الاطلاع من ممارس وليس مجزد تنظير؛ معلومات توجيهية للمشرفين ؛ وصيحة نذير للطلبة الباحثين؛ وتبصرة لصيرورة البحث وما ينبغي أن يكون عليه؛ وعبق من الأسرار التي قد تخفي على كثير من الطلبة وأنا في مقدمتهم حفظ الله أستاذنا الدكتور العزيز على قلوبنا محمد خروبات.