السنة و الحديث, مناهج الدراسة الجامعية

بحوث الإجازة : الإشراف -الاختيارات -الإنجاز أ.د. محمد خروبات

 

1- كيفية توزيع البحث:

    بحث ” الإجازة ” كما يسمى في النظام القديم ، أو ” المشروع المؤطر ” كما يُنعت في النظام المعمول به حاليا ، أو ” الليسانس” حسب الترجمة الفرنسية ، أو ” الباكلوريوس ” كما هو معمول به في بعض البلاد العربية ، وهي مسميات تؤول إلى حقيقة مسمى واحد ، هذه الحقيقة هي التي نتكلم عليها الآن ، ونعني بها ” البحث” الذي ينجزه الطالب في سنته الأخيرة من التخرج ، ويكون تحت إشراف أستاذ  ينتمي إلى شعبة التخصص ، وهي شعبة “الدراسات الإسلامية ” ، وعليه فإن كلامي موجه لطالب الإجازة في هذه الشعبة .

    تهم هذه الكلمة الطالب المقبل على بحث التخرج ، ليقف على حقيقة هذا البحث ، والمغزى منه ، وكيف يجب أن يُنجز إلخ ، كما أنها تهم الراغب في الاطلاع على الكيفية التي تتحدد بها مواضيع بحوث الإجازة ، وكيفية إنجازها ، فهذه الكلمة تُعطي صورة عامة عن هذا البحث الذي دأبنا على الإشراف على الطلبة في إطاره  سنين عدة ، لا نتكلف في بسط هذه الكلمة بين يدي الطرفين المحددين لأننا نُسطر فيها ما كنا نبينه للطالب منذ الحصة الأولى في التأطير، وهو على كل حال درس من الدروس التي تدخل في ” مناهج الدراسة الجامعية ” .

  في قسم الدراسات الإسلامية بالكلية التي أنتمي إليها يُحصر مجموع عدد الطلبة ويُوزع على مجموع عدد أساتذة القسم ، ويكون  نصيب كل أستاذ من عشرين إلى ثلاثين طالبا ، وقد يقل العدد أو يكثر بحسب تزايد عدد الطلبة وتناقصهم ، وتتم بالقرعة التي تُشرف عليها لجنة من الشعبة ، أما الرغبة في الانتقال من أستاذ إلى آخر فيتم بالرضا بين الأستاذين ورئيس الشعبة ،  وذلك عن طريق استمارة موضوعة رهن إشارة الطلبة لهذا الغرض .

 حين يتسلم الأستاذ أسماء الطلبة الذين يُشرف عليهم يضع إعلانا للاجتماع بهم ، ومن هنا تبدأ عملية التأطير .

2- طبيعة بحث الإجازة :

    يمر الطالب في مسيرة البحث العلمي داخل الجامعة من إنجاز ثلاثة أنواع من البحوث ، هذا إذا قدر له أن يتابع دراسته إلى آخر مرحلة جامعية ، وإلا فإن فئة كبيرة من الطلبة تغادر الجامعة بمجرد حصولها على شهادة الإجازة ، لأجل ذلك نولي جهدا  في تكوين الطالب تكوينا متوازنا في حصص تأطير بحث الإجازة .

    أول نوع من أنواع البحوث التي يبدأ بها الطالب هو ” بحث الإجازة ” ، والثاني “بحث الماستر” ، والثالث “بحث الدكتوراه” ، ولكل بحث من هذه البحوث طبيعته من حيث المستوى ، والغلاف الزمني ، والكم ، والمقاصد والأهداف والموضوع إلخ.

 بحث الإجازة هو أول بحث ينجزه الطالب في حياته الجامعية ، ولذلك فهو بحث تعليمي صرف ، يتعلم فيه الطالب كيفية التفكير العلمي ، وطريقة البحث في وضع المقدمة وعناصرها ، والخاتمة ، وتقسيم المادة العلمية إلى مباحث ومطالب وعناصر وفروع ، وكيفية تخريج الحديث ، والتوثيق من القرآن الكريم ، واقتباس النصوص ، ووضع الفهارس إلخ .

 كل هذا يتم عبر جدولة أسبوعية تقدر بساعتين كل أسبوع ، يُستقبل فيها الطالب ، ويكون الحضور إلزاميا ، وكل حصة من الحصص نتدارس فيها عنصرا من عناصر البحث العلمي الذي يتماشى مع مستوى طالب الإجازة .

 عملية التأطير في مستويات البحوث الثلاثة تختلف ، طالب الإجازة هو طالب مبتدئ ، يبدأ من الفراغ ، ولذلك يجب أن يكون توجيهه توجيها سديدا وصائبا ، فإذا تملك المنهج سافر به  في حياته العلمية ، وإذا ضيعه فقد ضيع البحث العلمي ، وعملية الاستدراك تكون شاقة عليه في المستقبل .

     تأطير طلبة الماستر يكون في قاعة التدريس ، في حصة التكوين ، طالب الماستر يأخذ المعرفة والمنهج معها ، فهو يأخذ ويعطي ، في حين أن طالب الإجازة تكوينه في حصص التأطير ، فهو يأخذ ولا يعطي ، بخلاف طالب الدكتوراه ، فهو مؤهل لمرحلة العطاء ، وبعض الطلبة في سلك الدكتوراه الذين لم يمروا من مرحلة التكوين في الإجازة أو أنهم تلقوا تكوينا ناقصا ينتظرون من الأساتذة المشرفين أن يؤطروهم  بنفس الكيفية التي يؤطرون بها طلاب الإجازة ، وهو مطلب ليس في مقامه ، فالأستاذ في رسالة الدكتوراه يكون مشرفا وموجها وحريصا على تطبيق خطة البحث العلمي التي سبق للطلبة أن اكتسبوها في مرحلة الإجازة والماستر.

 من مواصفات بحث الإجازة أنه محصور في وقت محدد ، فهو في فصل واحد وهو الفصل السادس ، ومن مواصفاته أن الطالب يتدرب فيه ، ويتعلم من خلاله ، فهو بحث تعليمي كما تقدم ، لا يخاف الطالب من الوقوع في أخطاء معرفية ومنهجية لأنه هنا للتعلم ، لا حرج في بيان الأخطاء وظهورها لأننا  ننطلق منها إلى الصواب ، والطالب الذي يُخطئ ، ويظهر خطؤه هو الذي يتعلم مع  مر الأيام ، أما الذي يُخفي أخطاءه، ويتستر عليها ، ولا يسأل  فهذا اكتب على قفاه لا يفلح في إنتاج البحث العلمي.

3- اختيار الموضوع :

      عملية اختيار الموضوع مرحلة من مراحل البحث ، وهي أول مرحلة يبدأ منها الطالب  ، وقد تستغرق وقتا بحسب اقتناع الطالب ، وتجاوبه مع موضوع بحثه .

 لا نعطي للطالب موضوعا بعينه ، بل نوجهه لاختيار موضوعه بنفسه ، فالطالب في الفصل السادس يكون قد درس مجموعة مواد علمية ، ومن المؤكد أنه اهتم بمداخل العلوم ، وتوجد بعض المواد العلمية يحس الطالب أن لديه فيها نقصا كبيرا  ، إما أنه لم يتمكن من استيعابها وفهمها ، وإما لكثرة غيابه وعدم مواظبته ، وإما لقلة مطالعاته في المواد المقررة ، لذلك حاولنا – وأنا هنا أتكلم عن تجربتي المتواضعة – أن نجعل من بحث الإجازة مكملا للنقص في التخصص ، فكل طالب يختار مصدرا أو مرجعا من المراجع والمصادر المعتبرة في المادة التي يحس بأن لديه نقصا فيها فيدرس الكتاب بطريقة تلخيصية ، وغرضنا من هذا تحقيق ما يلي:

أ- ربط الطالب بكتاب في تخصص معين ، يُلم به من أوله إلى آخره ، وبهذه الطريقة أضمن أن الطالب قرأ كتابا علميا في تخصص معين .

ب- الاستفادة من المادة العلمية للكتاب ، وهي استفادة تغني التخصص في تلك المادة.

ج- الاستفادة من منهج المؤلف ، ومن خطته .

د- الاستفادة من لغة المؤلف ، ومن أساليبه العلمية في كتابه.

هـ- سد الباب أمام نسخ البحوث المنجزة ، فبعض الطلاب يساهمون في غش أنفسهم حين ينسخ بحث غيره من نفس الكلية أو من كلية أخرى فيضع اسمه عليه مستغلين عدم التنسيق بين الكليات في تدوين بحوث الإجازة وتوزيع عناوينها على الأقل بين المؤسسات الجامعية .

و- نضمن قدرا من المصداقية أولا ، ونصيبا من الاستفادة ثانيا ، لأن التلخيص هو مهارة تتطلب القراءة ، والفهم ، والتعبير عن كل ذلك بلغة الطالب الباحث ، ولتسهيل ذلك وضعنا للطلبة ” ورقة تقنية في كيفية تقديم كتاب جامعي” ، نوجههم من خلالها ، وهم يتقيدون بما فيها في إنجاز بحوثهم ، والورقة منشورة على موقعنا الأكاديمي .

 هذه الخطة تبدو قاسية على بعض الطلبة الذين لا يواكبون حصص التأطير ، وتبدو قاسية على بعض الطلبة الذين يقومون بالمقارنات في إنجاز البحوث ، أو الذين لا يتحملون المراقبة المستمرة ، هؤلاء نترك لهم الحرية في تغيير الأستاذ المشرف ، وقد نسمح  بنوع آخر من أنواع البحوث العلمية ، مثل : ” تخريج آثار مصادر علمية ”  وفق خطة التخريج في علم الحديث ، وطلبة التخريج يأخذون حصصا من التوجيه والتكوين في هذا الباب ، و” فهرسة بعض المصادر”  ، و” تحقيق بعض الأوراق من مخطوطات معينة ” من باب التداريب الأولية ، أو “ترجمة” بعض الكتب المهمة والنافعة ، او فصول منها إلخ .

4- نماذج من بحوث الإجازة للنشر:  

 قررت أن اختار بعض البحوث للنشر الإلكتروني بعد موافقة الطلبة الباحثين ، والغرض من ذلك تعميم النفع العلمي لتوفر الشرطين المنهجي والمعرفي ، من هذه البحوث :

1- تلخيص كتاب المعونة على مذهب عالم المدينة في الفقه المالكي للقاضي عبد الوهاب المالكي( 422هـ) ، للطالبة الباحثة زينب آيت خالي .

2- تخريج آثار بعض المصادر العلمية ، وقد تجمع لدي عدد لا بأس به منها ، بدأت بنشر تخريج آثار كتاب تاريخ بغداد للحافظ الخطيب البغدادي ، وقد اشتغل عليه بعض طلبة الإجازة للسنة الجامعية 1998- 1999م ، وقررنا إعادة إسناد هذه البحوث لطلبة المشروع المؤطر لهذه السنة الجامعية 2018-2019م للتدقيق والتحقيق وإعادة النظر مع الاستدراك لعلمنا أن جهود طالب الإجازة مشوبة بالنقص ، وقد اشتغل بعض الطلبة على بعض الأجزاء خلال هذا العام ، وهي الأجزاء التي سنبادر بإخرجها  لتتم الاستفادة  منها إن شاء الله تعالى [1]، وهي :

أ- تخريج آثار تاريخ بغداد ، الجزء الثاني ، للطالب أحمد بلدان .

ب- تخريج آثار كتاب تاريخ بغداد ، الجزء الرابع ، للطالبة حليمة بشيري.

ج- تخريج آثار كتاب تاريخ بغداد ، الجزء السادس ، للطالبة إلهام ازرورة.

د- تخريج آثار كتاب تاريخ بغداد ، الجزء السابع ، للطالب رشيد أمزيل.

هـ- تخريج آثار كتاب تاريخ بغداد، الجزء التاسع ، للطالبة فاطمة الزهراء الموساوي .

و- تخريج آثار كتاب تاريخ بغداد ، الجزء العاشر ، للطالبة فاطمة بابا حمو .

ز- تخريج آثار كتاب تاريخ بغداد، من أول الجزء الثالث عشر إلى منتصفه ، للطالبة سكينة واحمان .

 وسنتولى ما تبقى من أجزاء الكتاب في العام الجامعي المقبل إن شاء الله تعالى ، وهي جهود الطلبة ، الأخطاء موجودة على كل حال ، ونقول للباحث المحقق، وللمتخصص المدقق : ” خذ ما صفا ، ودع ما كدر ” ، والحمد لله رب العالمين.

                                               نشر على الموقع بتاريخ 14/8/2019م

……………………………………………………………………………

1- سيتم نشرها على موقعنا الأكاديمي .

تعليق واحد على “بحوث الإجازة : الإشراف -الاختيارات -الإنجاز أ.د. محمد خروبات

  1. يقول المهدي:

    شكرا لك الدكتور القدير بارك الله لك في علمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *