ما الجدوى من التنظير لعلوم النقل / النقلانية؟
سألني غير واحد ومنهم طالبي العزيز عن الجدوى من التنظير لعلوم النقل ؟ فأجبته : إذا أدركت الجدوى من التنظير ضد علوم النقل فإنك ستدرك الجدوى من التنظير لعلوم النقل ، هذا إذا أحسنّا بك الظن ، لأنك إذا كنت تدرك الجدوى من التنظير ضد علوم النقل وتتساءل عن الجدوى من التنظير لعلوم النقل فأنت مُتحامل ، وإذا بنَيْتَ “عدم الجدوى” من منطلق أنه “لم يكن” فهذا منك جهل أو تجاهل.
صحيح أن المُحدِّثين ومن سلف من علماء النقل لم يتعاطوا إلى التنظير ، لا أنَّ طاقتهم العقلية ضعيفة كما يحلو للبعض أن يتصور بل إنهم لم يكونوا في حاجة إليه لأن صنعة العلم لا تقتضيه وحاجتهم لا تتوقف عليه ، أما اليوم فقد تغيّر الحال ، وأصبح التنظير ضد علوم النقل باسم العقلانية والعقل سائدا ، ومسيطرا ومهيمنا ، وأصبحت المُجاهرة به كبيرةً فقد اضحتْ فُرجةً وهوايةً تُمارس باسم العلوم والمعارف والنظريات ، بدأ ذلك باكرا على يد شيوخ رحلوا وآخرين في طور الانتظار، أما الفِراخ الجُدد فحدِّث ولا حرج ، لا يملكون في التنظير المضاد ” تخصصًا ” لأنهم لا ريش لهم ، ولكنّهم باسم التنظير يمتلكون ” تملصًا” من الأحكام والثوابت والأصول ، وهو تملص نظري ليس إلّا .
أصبحت الحاجة العلمية والرغبة المنهجية ماسّةً لهذا النوع من التنظير ، فليكن تخصصا أو مجالا أو اهتماما يُرافق علوم النقل في مسيرتها العلمية والمعرفية ، وإذا لم يكن للمرء استعدادٌ لذلك فلا يناصر ” نظرية هاملتون جب” التي تُعانَق اليوم بوفاء، وهو من المؤسسين الفعليين لمنطق الهجوم على النقل والعلوم النقلية كما سنُبينه في كلمة قادمة إن شاء الله.
حفظكم الله شيخنا الفاضل، ونفع بعلمكم البلاد والعباد.