قراءة في كتاب: “الاستشراق والعلوم الإسلامية بين نقلانية التأصيل وعقلانية التأويل”. تأليف: الدكتور محمد خروبات إعداد الباحث: إبراهيم أحتشاو
تمهيد:
لقد أرَّقَ موضوع الاستشراق العلوم والمعارف في العالمين الإسلامي والغربي، فأُريقَ حوله مداد كثير من لدن الباحثين المسلمين العرب منهم وغير العرب، والذين كان لهم أثر كبير في إغناء هذا الموضوع في الساحة الثقافية.
وهذا الجهد الطيب الذي بين أيدينا يعتبر إحدى ثمرات تلك المحاولات الجادة، والتي افتتحها وأشعل شرارتها الكاتب الفلسطيني “إدْوَارد سعيد” في بداية الثمانينات من القرن الماضي.
كتاب: ” الاستشراق والعلوم الإسلامية بين نقلانية التأصيل وعقلانية التأويل ” لمؤلفه الدكتور محمد خروبات هو تراكم معرفي وبحثي طيلة ثلاثين سنة من حياة المؤلف؛ ما بين المحاضرات التي ألقاها بين جدران الجامعة المغربية، والمشاركات العلمية في الأنشطة والمؤتمرات والندوات داخل الوطن وخارجه، فضلا عن المقالات العلمية المنشورة بمختلف الدوريات والمجلات المحكمة.
حاول المؤلِّف جمعَها ولمّ شملها ليسعها هذا السِّفْر المبارك, وهو سِفر جامع –في اعتقادي- لمختلف القضايا والمسائل التي يمكن للباحث أن يطرحها، أو يتساءل عنها، حول موضوع الاستشراق وعلاقته بالعلوم الإسلامية.
1 – مؤلِّف الكتاب:
الدكتور محمد خروبات؛ أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض بمراكش، حصل على دكتوراه الدولة في السُّنَّة وعلومها من الجامعة نفسها، وذلك سنة 1998، له قرابة عشرين مؤلفا في مختلف العلوم الإسلامية، من بينها: الفكر الإسلامي المعاصر: دراسة في التدافع الحضاري، محاضرات في علم الحديث، رسالة في المصلحة المرسلة: دراسة مقارنة، كشف الخفي في فهم سنة النبي، بناء الأسرة بين القيم والتحديات المعاصرة، ردود على مقال ينفي الولاية في الزواج، خلاصة في نقد الفكر الطبيعي، الموفى في معرفة أسماء ونعوت المصطفى من القرآن والسنة والتوراة والإنجيل، المصطلحات التشريعية في مدونة الأسرة المغربية-القسم الأول:نصوص المصطلح... ناهيك عن المشروع العلمي المتمثل في سلسلة أبي حاتم الرازي وجهوده في خدمة السنة النبوية الذي يقع حاليا في سبعة أجزاء، ثم هذا الكتاب الذي نحن بصدد تقديمه.
كما أن للمؤلف العديد من المقالات العلمية في مختلف المجلات والدوريات، في الفقه والأصول وعلم الحديث والسيرة النبوية الشريفة... كما له محاضرات مصورة عن تقنيات ومنهجية البحث العلمي.
تجدر الإشارة أن المؤلف تقلد العديد من المهام في مسيرته العلمية والعملية، نذكر منها على سبيل العجالة: يرأس حاليا مجموعة البحث في ” مناهج الاستمداد والاستدلال من القرآن والسنة وتطبيقاتها المعاصرة” بعد أن كان رئيسا لمجموعة البحث في “السيرة والسنة وفقههما” ، رئيس سابق لشعبة الدراسات الإسلامية ومنسق مسلك الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، مدير ورئيس تحرير مجلة “الاستناد”، عضو الدائرة العلمية للبحث في الدراسات الإسلامية، عضو لجنة التنسيق الوطنية بين شعب الدراسات الإسلامية بالمغرب، عضو جمعية إحياء جامعة ابن يوسف بمراكش… يعمل حاليا أستاذا بجامعة القاضي عياض بمراكش وزائر بجامعة محمد الخامس بأبوظبي.
2 – وصف الكتاب وتوثيقه:
كتاب "الاستشراق والعلوم الإسلامية بين نقلانية التأصيل وعقلانية التأويل" هو مؤلَّف من الحجم الكبير، يبلغ عدد صفحاته 466 صفحة، ورقه من النوع الجيد؛ ذو اللون الأبيض الناصع والسميك.
صدرت هذه الطبعة (الأولى) عن المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش، سنة 1438هـ/2017م. وهي متوفرة بالأكشاك في مختلف مدن المملكة المغربية، [ توزيع : (سَا بْرِيسْ) ].
3 – الخطة المنجية للمؤلِّف:
افتتح أول ما افتتح به المؤلف كتابه بفهرس تفصيلي لفصول ومباحث الكتاب، ثم جعل المقدمة العامة بعده مباشرة، مفتتحا بها ترقيم العناوين العريضة بالكتاب، وقبل أن يشرع المؤلف في تناول فصول الكتاب بالدراسة فقد مهّد بمدخل تمهيدي مركب من ثلاثة عناصر، سنفصلها إن شاء الله في فقرة مضامين الكتاب.
وجدير بالذِّكر –قبل تناول مضامين الكتاب- أن المؤلَّف شُيِّدَ بسبعة فصول، كل واحد انسدلت منه مباحث، وكل مبحث بدوره تفرعت عنه مطالب وعناصر أخرى.
ثم ذُيّل هذا العمل بخاتمة عامة رُقّمت بالرقم 10، والذي جاء تباعا للمقدمة العامة ثم المدخل التمهيدي ثم فصول الكتاب السبعة، كل على حدة.
4 – عرض مضامين الكتاب:
سنحاول في هذه الفقرة تلخيص وتبسيط ما جاء في الكتاب، كما سنعرض لكل عنصر من عناصره على حدة.
1. إن الناظر في مقدمة الكتاب العامة ليجد أن المؤلِّف تطرق فيها إلى ست نقاط:
_ تأطير الكتاب وإلحاقه بالموضوع الذي يعالجه.
_ جَرْد المؤلف للاتجاهين من الباحثين حول الموضوع: الأول؛ المهتم بالموضوع وبالتأليف فيه، الثاني؛ المهمل للموضوع وتاركه ببرودة ونسيان.
_ سياق ميلاد هذا العمل وسط النّادِين بِشَلّ حركة الفاعلية للعلوم الإسلامية وتقسيمها إلى علوم من داخل حصن المسلمين، وأخرى متسلقة للجدار، قادمة من الخارج.
_ عَرْض المؤلِّف لتجربة وأقدمية اهتمامه واشتغاله بموضوع الاستشراق، كما بين انطلاقته وتجميعه لشتات هذا العمل حتى صار على هذه الشاكلة.
_ رسم خريطة البحث وبيان خطته.
_ ثم ذُيّلت المقدمة بِشُكر المؤلِّف الموجه للطلبة والباحثين بالجامعة المغربية على اهتمامهم بالمحاضرات واللقاءات العلمية الموازية.
2. خصص المدخل التمهيدي –كما سبق وأن ذكرنا- للحديث عن ثلاث نقاط:
_ الدعوة إلى دراسة موضوع الاستشراق والوقوف عند مكامن النفع والإيجاب، مع ذكر أسباب التأليف واهتمام المؤلِّف بالموضوع.
_ عرض وتحليل للمقارنة بين [المستشرق وهو يدرس الشرق] وبين [الشرقي وهو يدرس الغرب].
_ في الفقرة الأخيرة من التمهيد عرض المؤلف بعض المصطلحات المتعلقة بهذا العلم، من قبيل “الشرق”، “الاستشراق”، “الاستشراق الإسلامولوجي” مع تفصيل وبيان أقسام هذا الأخير.
3. أما عن فصول الكتاب؛ فقد ضمّ سبعة فصول كبيرة، تفرعت عن كل واحد منها مباحث ومطالب تفصيلية.
خُصّ الفصل الأول بالحديث عن المؤلفين في موضوع الاستشراق، فعرض المؤلف بيبليوغرافيا للكتب والمجلات التي عنيت بدراسة الموضوع منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي (مع المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد) إلى حدود العقد الأول من الألفية الثانية، كما تطرق لنشأة هذه المدرسة وجرد مكوناتها، مع بسط إشكالية تعريفه وكشف ما خفي من مدلوله، ليختم الفصل بالكلام عن نهاية الاستشراق، وكان ذلك في خمسة مباحث تفصيلية.
4. الفصل الثاني تفرعت عنه بدوره سبعة مباحث، خصها المؤلف في البداية بعرض فلسفة الاستشراق، ثم تناول بعدها قضية الاستشراق المزدوج وبيّن مسألة الاستشراق الماركسي ! كما انتقد في المبحث الثاني من هذا الفصل المركزية الأوربية ومسألة الاستشراق الليبيرالي من منظور المركزية ، وافتعال الشرق من حيث القرب والبعد، والاستشراق وعلاقة الدولة بالدين، مع تعليل التركيز على التاريخ، مع بحث “اللامعقول” في التصور الغربي تجاه الإسلام، وأخيرا قام المؤلف في نهاية هذا الفصل بمناقشة مفهوم الاستغراب وتطرق إلى قضاياه النظرية والعملية.
5. وتناول الفصل الثالث (ضم أربعة مباحث) أقسام الاستشراق وبيان مدارسه ورجالاته، حيث صنف المؤلف المستشرقين بحسب مدارسهم مثل : (المدرسة الانجليزية، الفرنسية، الإيطالية، الإسبانية، الألمانية، الروسية والأمريكية).
6. أما الرابع فقد عالج موضوع التوظيف الاستعماري للعلوم والمعارف في دراسة تراث الشرق، تناول فيه المؤلف الاستشراق من جهة المعرفة والجغرافيا والتاريخ، مع عرض للعلوم الإسلامية التي استهدفها المستشرقون بصفة خاصة، وعلاقة الاستشراق بالتراث الإسلامي بصفة عامة، بين فيه صاحب الكتاب وضعية العلوم في ظل الاستهداف الغربي لها ونتائج ذلك، مع تحديد دقيق للمجالات التي خاض فيها المستشرقون في تراث الإسلام، مع تحديد تعاملهم معه، سواء في التحقيق أو الفهرسة ثم الترجمة، كل هذا جاء متناثرا في خمسة مباحث جامعة.
7. وعن علاقة الاستشراق بالقرآن الكريم خصص المؤلف الفصل الخامس الذي تفرع إلى سبعة مباحث مفيدة، بين فيه استهدافات المستشرقين للقرآن عن طريق بنيته (ترجمة القرآن) وتاريخه (جمع وتدوين القرآن)، ثم تطرق في الأخير إلى موضوع القراءات القرآنية من خلال مصدر المستشرقين الأساس في هذا الموضوع؛ كتاب “تاريخ القرآن” لمؤلفه تيودور نولدكه، كما لم يغفل الدكتور محمد خروبات جهود المستشرقين الظاهرة كالشمس في ربيعة النهار، سواء في التحقيق أو في الفهرسة ثم طباعة المصحف الشريف.
8. الفصل السادس -ما قبل الأخير- جاء على مبحثين، والذي بين فيه المؤلف موقف المستشرقين من السنة النبوية والسيرة العطرة، فقوَّم جهودهم في هذين المجالين كتابة وتحقيقا وتأليفا، مع بيان شبهاتهم فيها دون إغفال مكانة السيرة النبوية داخل الدراسات الاستشراقية والتي جعلت منها سيرة عالمية ثانية، كما عرض المؤلف المؤلفين في المدارس الاستشراقية في هذا الموضوع، هذه المدارس التي بلغت أربع عشرة مدرسة، ثم ذُيّل بعرض وتقويم لنماذج من أشهر المصنفات في السيرة، ككتاب “الأبطال” لتوماس كارلايل، و”الرسول حياة محمد” لبودلي، ثم كتاب “محمد وخلفاؤه” لواشنطن إرفنغ…
9. وأخيرا، أفرد المؤلف الفصل السابع والأخير من هذا الكتاب ببحث جهود المستشرقين في الفقه الإسلامي، عرضها كذلك حسب المدارس الاستشراقية، مبينا الجوانب والقضايا التي أثاروها، مع جرد للطعون التي وجهوها للفقه الإسلامي، وبيان طرقهم في التفسير وتأثير ذلك في السياسة العامة للأمة ومبرراتهم في كل ذلك.
10. الخاتمة العامة للكتاب كانت كافية ووافية للإحاطة بحقيقة الاستشراق، وأخذ صورة من فوق عن حقيقة التدخل الغربي في الشرق، والذي تمَّ –حسب قول المؤلف- على مستويين: عسكري وثقافي. نتج عن الأول “الاحتلال” ، وتمخض عن الثاني “الاستشراق”، وهما وجهان لقضية واحدة؛ هي “الاستعمار” بكافة ألوانه وأشكاله.
فما مظاهر هذا الاستعمار على العالم الإسلامي؟ وما مخلفات حركة الاستشراق في العلوم الإسلامية؟ وكيف تأثرت هذه العلوم والمعارف بالمد المستشرقي ؟ وكيف أثرت بدورها فيه؟
أسئلة كثيرة ومتشعبة يجيب عنها الدكتور محمد خروبات بين ثنايا صفحات هذا العمل المبارك، أترك لكم المجال لتصفحها والوقوف عندها.
5 تقويم الكتاب:
تختلف هذه المرحلة من مراحل تقديم أي كتاب باختلاف المقدِّم، فتقديم كتاب هو قراءة لذلك الكتاب، والقراءة تختلف باختلاف القارئ، وباختلاف التخصص والاهتمام والارتباط بالموضوع، لذلك؛ فهذه المرحلة تعتبر تلكم المساحة الحرة بين القارئ والمؤلِّف يسجل فيها ملاحظاته، ويجمع فيها آراءه، ويطرح فيها استفساراته... وفيما يلي ما بدا لي مما ذكرت:
– فمن ناحية لغة الكتاب فهي لغة تتسم بالسلامة النحوية والصرفية، كما تتميز بجزالة اللفظ، وسلاسة الأسلوب، ثم البساطة في الطرح والتناول، كل هذا ينم عن حصافة فكر المؤلف، وقدرته على إيصال أفكاره والقضايا التي عالجها إلى أكبر قدر من الفئات المهتمة بالموضوع، وحتى غير المهتمة، بعيدا كل البعد عن العصبية التي تقتل الموضوعية في التحليل، وعن التشنج الذي يفسد البحث العلمي قيمته وصورته.
– أما عن عنوان الكتاب الذي اختاره له صاحبه [الاستشراق والعلوم الإسلامية بين نقلانية التأصيل وعقلانية التأويل]؛ فابتداء المؤلف بمصطلح “الإستشراق” إشارة إلى تحديد المجال العام الذي ينتسب إليه الكتاب، وومضة أولى تشعر الناظر لوهلة إلى العنوان بموضوع الكتاب، ثم عطف مصطلح “الاستشراق” بـ”العلوم الإسلامية” ليؤطر دراسته هذه حول موضوع الاستشراق وعلاقته بالعلوم الإسلامية تأثرا وتأثيرا، وهناك أيضا عنوان فرعي يخصص الدراسة ويقيد المجال بدقة، أي أن الموضوع ستتم دراسته بين [نقلانية التأصيل] و [عقلانية التأويل]، ومقصود المؤلف بهذين المصطلحين –كما بينه في مقدمة الكتاب- هو التأويل الاستشراقي العقلاني للعلوم الإسلامية من منظور التأصيل النقلاني، بمحاكمة علمية منهجية هادئة ومتخلقة، تعطي للعقل حقه، وللنقل سلطته، فمن حق العقل أن يعقل ما النقل، فيحدد الضوابط والقواعد والفنون والعلوم التي تتماشى مع المقاصد العامة التي رسمتها الشريعة الإسلامية، ومن سلطة النقل التقيد به ومراعاة حدوده والانضباط بأخلاقه وقيمه ومراعاة أهدافه، والتحلي بالعلوم والمعارف في التعامل معه، وعدم الإسقاط عليه أو الاجترار الممقوت منه.
– إن الحديث عن مصادر ومراجع الكتاب، يمكن القول أن المؤلَّف برمته يشكل مكتبة كبيرة من المؤلفات التي ألفت حول الاستشراق، وإن كان المؤلِّف أغفل جمع هذه المصادر والمراجع وتثبيتها في ركن خاص بآخر الكتاب، إلا أن المتصفح للمبحث الأول من الفصل الأول –على سبيل المثال- يجد بسطا وجَردا وافيًا لما كتب حول الموضوع، أي: خلاصة لسيرورة الكتابة في مجال الاستشراق من طرف مختلف المهتمين بالموضوع طيلة عشرين سنة، ما بين التآليف والمنشورات والمقالات والأنشطة العلمية المنظمة حول الموضوع، أما عن نوع مصادر المؤلف ومراجعه التي اعتمدها، فقد نالت حصة الأسد تلك التي تُعنى بموضوع الاستشراق بشكل عام؛ والتي أُفردت إما للتعريف به وبيان أقسامه ومدارسه وأعلامه، أو التي انتقدت هذا الفكر وفندت شبهات أعلامه وبينت زلات وفضائح المستشرقين في تعاملهم مع العلوم الإسلامية، أو تلك الأعمال الاستشراقية المشهود لها اليوم بخدمتها للعلوم والمعارف الإسلامية… فضلا عن اعتماد المؤلف على مصادر ومراجع أخرى من مختلف علوم الشريعة؛ ككتب الحديث التي خرّج من خلالها الأحاديث التي أوردها في كتابه، ثم كتب الرجال والتراجم التي ترجم بها الأعلام المذكورين في الدراسة، ناهيك عن كتب السيرة النبوية والفقه الإسلامي وكتب التاريخ، وكذلك اعتماده على المجلات والدوريات المتعلقة بموضوع الاستشراق.
– لقد قام المؤلف بتوظيف جملة من الشواهد بشتى أنواعها؛ القرآنية والحديثية ثم ترجمته للأعلام، فيمكن القول أنه وُفِّق في الاستشهاد والتوظيف، حيث بلغت الشواهد القرآنية التي وثقها (باعتبار التي تمت الإشارة لها في إحالات الكتاب) خمسا وستين آية، في حين بلغت الأحاديث النبوية التي خرجها على الهامش ستة وعشرين حديثا، أما الأَعْلام الذين ترجم لهم فبلغ عددهم ستة وأربعين عَلَمًا.
ولعل ما يفسر وفرة ترجمات الأعلام طبيعة الموضوع؛ فعادة ما تختلف نسبة توظيف الشواهد وتتفاوت نسب الاهتمام بنوع أكثر من غيره في أي عمل حسب موضوع الدراسة. ولذلك؛ يمكن تفسير عدد الشواهد القرآنية الموظفة بضرورة استحضارها وتوظيفها -خصوصا- في المبحث السادس من الفصل الثاني، والمعنون تحت عنوان “اللامعقول في التصور الغربي تجاه الاسلام”، وهذه الثروة الوفيرة في الشواهد داخل المبحث المذكور يمكن تفسيرها بأمرين اثنين: الأول مدى استيعاب القرآن الكريم للامعقول بشقين: القديم والحديث، والثاني؛ مدى توقد حس التوظيف وبراعة الاستدلال لدى المؤلف، ومقدرته على التوظيف المناسب في كل قضية من القضايا المذكورة في المبحث السالف الذكر.
(أنظر الصفحات: 89-93 من الكتاب).
أما فيما يخص التوظيف الكبير لترجمات الأعلام، فيعود بالدرجة الأولى لطبيعة الموضوع –كما سبق وأن ذكرنا- ويتعلق الأمر بضرورة التعريف بكل علم من أعلام الاستشراق، وإرفاقه بترجمة مختصرة، حتى يكون القارئ على دراية ومعرفة عن قرب بأعلام هذا الفكر، لا سيما وأن الموضوع يبحث في الاستشراق وعلاقته بالعلوم الإسلامية، وأن هذا الأمر دين “فانظروا عمن تأخذوا دينكم”. فتسمية الرجال من الدين، كما أن معرفتهم شرط للأخذ عنهم.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل لأستاذي الدكتور محمد خروبات على مواصلة دعمه اللامشروط واللامنقطع طيلة مسيرتي العلمية، بالنصح والإرشاد والتوجيه ، ثم التثقيف والتعليم والإفادة ، فالله أسأل أن يديم عليه التوفيق وأن يمد في عمره ويجعله ذخرا للإسلام والمسلمين.
كما أدعو الباحثات والباحثين إلى الإقبال على الكتاب، وتدارسه، ومناقشة قضاياه.. فالكتاب جمع من العلوم والدرر ما لن تجده في غيره على الشاكلة التي جاء بها هذا الكتاب.
هذا؛ وما كان من خطأ –وهو موجود لا محالة- أو تحريف لكلام المؤلف، أو سوء فهم مراده… فمني ومن الشيطان، وما كان من صواب أو توفيق أو سداد فمن الله وحده، هو الهادي لسواء السبيل.
والحمد لله أولا وآخرا
منقول
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، استاذي وشيخي الفاضل ،والله تعجز الألسنة عن وصف كتابك الجميل “الاستشراق والعلوم الإسلامية بين نقلانية التأصيل وعقلانية التأويل”.
تقبل الله منا ومنكم