التاريخ والأدب, السياسة, السيرة النبوية

قراءة في كتاب الأستاذ الدكتور فاروق حمادة (العلاقات الإسلامية النصرانية في العهد النبوي) أ.د. محمد أزهري

بسم الله الرحمن الرحيم

قراءة في كتاب الأستاذ الدكتور

فاروق حمادة

(العلاقات الإسلامية النصرانية في العهد النبوي)[1]

 

أ.د. محمد أزهري

عميد كلية اللغة العربية

جامعة القاضي عياض

مراكش

 

 

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وأشهد ألا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدا الرحمة المُهداة للخلائق أجمعين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الهداة المهتدين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.

وبعد؛

يسعدني أن أسهم اليوم، مع هذه النخبة النيرة من العلماء الفضلاء، والأساتذة الباحثين النجباء، في تكريم شيخ من شيوخ العلم والعلماء، ذاع صيته في مشرق الوطن العربي ومغربه، أستاذا باحثا جادا، ومؤطرا علميا وتربويا مجدا، ومفكرا ومؤلفا مجددا.

وسأسهم في تقديم كتاب من كتبه، اعتبر رائدا في بابه، وملحا في موضوعه: إنه كتاب:

(العلاقات الإسلامية النصرانية في العهد النبوي)[2] لفضيلة الأستاذ الدكتور فاروق حمادة، صاحب المؤلفات العديدة في مختلف قضايا الفكر والدراسات الإسلامية والعلوم المرتبطة بها.

يركز المؤلف، في هذا الكتاب، على قضية أساسية، وهي أن المسلمين تربطهم علاقات معينة، وتشدهم صلات بجيرانهم النصارى منذ العهد النبوي. ويضع الأستاذ الجليل في هذا السفر قواعد مهمة ولبنات أساسية لمن أراد أن يتعرف على هذه القضية القديمة/ الحديثة.

وقد وصف المؤلف هذه العلاقات، في زمن النبوة، بأنها كانت طيبة – في عمومها-؛ لأن النصارى لم يكونوا أصحاب مواقف حاقدة، ولا بدا منهم مكر تجاه المسلمين، كما ظهر عند غيرهم، بل على العكس من ذلك، رحَّب النصارى مع بُعْدِ جوارهم من النبي صلى الله عليه وسلم بالدين الإسلامي. وتيقن حكماء النصارى ورهبانهم أن طريق محمد بن عبد الله هو الحق الموصل إلى دار السلام. ولذلك وجدنا القرآن يمدحهم لمودتهم تجاه المسلمين المضطهدين في هجرة الحبشة ووقوفهم معهم وخشوعهم لسماع آيات الذكر الحكيم تتنزل بردا وسكينة على قلوبهم.

وقد مهد الدكتور فاروق حمادة لكتابه بتمهيد مناسب، وقسم أنواع العلاقات بين المسلمين والنصارى إلى أربعة أبواب كبرى، هي:

1- الرسائل والسفراء،

2- الوفود،

3- الغزوات والسرايا،

4- المعاهدات.

معتمدا في ذلك كله على قائمة مهمة من المصادر والمراجع المتنوعة، أغنت مادة الكتاب ومواضيعه، بلغ عدد أهمها: 93 كتابا.

أضاء المؤلف موضوعه، في التمهيد، بحديثه عن وحدة رسالة الأنبياء في المقصد والهدف، وأن دين الإسلام دين عالمي شامل مستوعب لكل الرسالات السابقة، وموجه لكل الشعوب والأجناس والأمصار والأقطار، على يد محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

وقد كان الذكر الحكيم مراعيا في خطابه خصوصية أهل الكتاب، فناداهم بأهل الكتاب لاتباع النبي الذي بشرت به كتبهم وأنبياؤهم؛ وقد استجاب خلق كثير من النصارى خاصة لهذه الدعوة من الشام ومصر والحبشة وغيرها، وكانت ميزة رهبانهم وقساوستهم عدم الاستكبار عند سماع الذكر والخشوع له والإيمان به. قال تعالى: }ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ[[3]

وكانت علاقة النبي صلى عليه وسلم، وخلفائه من بعده، بالنصارى متسمة بتبيين دين الإسلام، وبيان حدود العلاقة بين المسلم والنصراني من جهة وبين العالم الإسلامي والعالم المسيحي من جهة أخرى.

وبما أن هذه العلاقة امتدت أربعة عشر قرنا بظروفها العامة وأحوالها وتقلباتها، فإن هذا القرن قرن انبعاث الأديان بله صراعها فيفرض بذلك الحوار بين أصحاب الديانات، فأحب أن يسهم بهذا الكتاب بوضع لبنات إسلامية أصيلة لمن أراد أن يعرف طريق الإسلام في هذه القضية الملحة يوما بعد يوم .

ثم استـأنف المؤلف حديثه عن أبواب العلاقات التي تم من خلالها التواصل بين المسلمين والنصارى، وحصرها في أربعة وسائل، هي: الرسائل والسفراء، ثم الوفود، ثم السرايا والغزوات، ثم المعاهدات.

وذكر في مدخل “الرسائل والسفراء” عظماء الدول النصرانية الذين راسلهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأرسل إليهم السفراء، وهم: هرقل حاكم الدولة الرومية وعظيمها. راسله أكثر من مرة، ودعاه بدعوة الإسلام، وكانت أولى هذه الرسائل بعد صلح الحديبية، ومرة أخرى وهو في غزوة تبوك من السنة التاسعة، وتدل بعض النصوص على مراسلة أخرى. والنصوص التي تتحدث عن هذه المراسلات وفيرة جدا، وفي بعضها ما ليس في الآخر .

ومن هذه النماذج ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، وبعث بكتابه مع دحية الكلبي، وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر، وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس، مشى من حمص إلى إيلياء شكرا لله عزّ وجلّ فيما أبلاه من ذلك، فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “التمسوا لي ها هنا من قومه أحدا نسألهم عنه”.

وقد أثبت الباحث الرسائل المتبادلة بين النبي صلى الله عليه وسلم والمقوقس عظيم القبط في مصر، والسفراء الذين أوفدهم إليه منهم حاطب بن أبي بَلْتَعة اللَّخمي … ويذكر أن المقوقس بعدما قرأ رسالة النبي عليه الصلاة والسلام ودعوته من خلالها إلى الإسلام قال: “إني قد نظرت في أمر هذا النبي فرأيته لا يأمر بمزهود فيه، ولا ينهى عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آلة النبوة بإخراج الخبء، والإخبار بالنجوى.. وسأنظر في ذلك”.

أما النجاشيُّ حاكم بلاد الحبشة وما والاها، فبعدما ذكر المؤلف أن بلده كانت ملجأ المسلمين الأوائل من أهل مكة، فأمَّنهم وأحسن جوارهم .. أورد كتاب النبي عليه الصلاة والسلام إليه بدعوة الإسلام، فكان جوابه بينا واضحا في تأكيد العلاقة الوطيدة بين الإسلام والنصرانية، وفيه يقول: “أما بعد: فقد بلغني كتابك يا رسول الله، فما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض أن عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا (أي العلاقة ما بين النواة وقمع التمرة) وأنه كما ذكرت، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقد قرّبنا ابن عمك وأصحابه، وأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه لرب العالمين”.

ثم ذكر المؤلف آثارا صحيحة تثبت موت النجاشي على دين الإسلام، وصلاة النبي عليه الصلاة والسلام عليه صلاة الغائب، وبشارات تدل على حسن خاتمته كالنور الذي يرى على قبره.

أما الحارث بن أبي شمر الغساني، حاكم دمشق وما حولها، فكان رده الامتناع عن الدخول في الإسلام، وقد منعه من ذلك النخوة الجاهلية، والاعتداد بالقوة التي كان يملكها، واتكاؤه على أسياده الروم الذين كان يقوم منهم مقام الحارس للحدود. وتوفي عام الفتح ولم يسلم.

وأسلم جبلة بن الأيهم الغساني ملك غسان، جوابا عن كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، لكن سرعان ما عاد وارتد عن الإسلام، ثم دخل معركة اليرموك مع هرقل، فأرسل إليه عمر بن الخطاب عمير بن سعده وأمره أن يتلطف إليه ليرجع فأبى، واستمر مع حاشيته في بلاد الروم حتى هلك حسيرا ذليلا، نحو سنة 20 للهجرة.

وكان آخر من بعث له النبي صلى الله عليه وسلم كتابا في تلك الفترة من العظماء والملوك والعلماء ضُغاطر الأُسقُف الرومي، كبير علماء النصرانية في عصره الذي رد عليها بقوله إلى دحية: “صاحبك والله نبي مرسل، نعرفه بصفته، ونجده في كتابنا باسمه وكان مثالاً لطائفة غير قليلة ممن اهتدى للحق”.

وواصل المصنف، في المدخل الثاني الموسوم بـِ “الوفود”، وكانت حصته حوالي 80 صفحة من مادة الكتاب، عرض سبل التواصل بين الإسلام والنصرانية وشكل العلاقة فيما بينهما من خلال الوفود التي وردت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في وقت مبكر، وتكاثرت إليه سنة تسع، وسميت “سنة الوفود”. وكان للنبي عليه الصلاة والسلام اهتمام بالوفود استقبالاً، وضيافة وتجملاً، وجوائز، فكان يجري عليهم الضيافة، ويحسن استقبالهم ويسائلهم ويتردد عليهم، ويلبس أحسن الثياب لاستقبالهم.

وقد خصص داراً لنزول الوفود سميت: “دار الضيافة“. وكانت معروفة لدى الصحابة والقادمين. وكان يُحسن إلى وفود النصارى ويُكرم وِفادتهم بالجوائز والهدايا، ويسأل عنهم وعن أحوالهم، ويوصى من ينزلون عندهم أو من يقوم على خدمتهم بهم خيراً، وكان لكل وفد معه موقف وخصوصية سجلتها صحائف الوجود، لتروي للأجيال مثالاً على نبوة محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام وعالمية رسالته، وشموليتها لكل شؤون الحياة.

وقبل أن يسوق المؤلِّف مرويات الوفود وأحوالهم وأسباب قدومهم على الرسول صلى الله عليه وسلم وطأ لذلك ببيان مفهوم الوفد، وأورد أقوال أئمة اللغة في ذلك، وقدم خلاصة عن حسن معاملة الرسول الأكرم لهذه الوفود ووصيته لأصحابه بإكرامهم والإحسان إليهم.

والوفود التي وفدت على النبي صلى الله عليه وسلم، وذكرها المصنف عشرة، وهي بالترتيب: وفد نجران، ووفد تغلب، ووفد جذام، وفروة بن عمرو الجذامي، وعدي بن حاتم الطائي، ووفد الجارود العبدي وبني عبد قيس، ووفادة سلمان، ووفد بلي، ووفد غسان، ووفد الداريين.

وحيثما يذكر المؤلف وفدا يقدم تعريفا بالبلاد التي ينتمي إليها وعدد الموفَدين، والرسائل التي كانت سببا في حلول الوفود حسب رواياتها الصحيحة وأسانيدها الموثوقة. كما يذكر بعض النقاشات العقدية والدينية التي دارت بين الوفود وبين الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن القضايا الأساسية التي اهتم بها المصنف فحصه للنصوص لمعرفة عدد الوِفادات، وأمكِنَتِها كما هو الشأن بالنسبة لوفد نجران الذي له ثلاث وِفادات، الأولى إلى مكة المكرمة، والثانية والثالثة إلى المدينة المنورة. وأهمية ذلك تتجلى في قيمة الموفَدين العلمية ومكانتهم السياسية.

ومن جملة المسائل المهمة التي نهجها المؤلف وضعه عناوين تنير المدخل كله، فمثلا عنون الوفد الثامن هكذا: “وفادة سلمان نائبا عن القسيسين والرهبان”، فوقعه المسجوع يعطي انطباعا للقارئ أن سلمان هو بمفرده وفد كامل لبحثه عن الحق ونبله وشجاعته.

والدليل على ذلك ختمه لمبحث هذا الوفد بقوله: “إنه أمثال سلمان من الباحثين عن الحق من العجم وغيرهم”. وهذه الجملة الختامية بمثابة توقيعة تلخص مضامين المبحث كله.

ثم ينتقل المؤلف إلى المدخل الثالث المعنون بـِ “الغزوات والسرايا”، مشيرا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم غزا بنفسه الشريفة غزوات عديدة بلغت ستاً وعشرين غزوة أو سبعاً وعشرين، وقيل أكثر أو أقل، وأرسل سرايا وبعوثاً كثيرة زادت على خمس وثلاثين ما بين بعثة وسرية. ولم يكن في جميع غزواته أو سراياه بادئاً بقتال، أو طالباً لدنيا، بل كل ذلك كان من أجل هداية الناس أو تحرير العقول، ورفع للظلم، مما جعل هذه الغزوات أنموذجاً للتعامل العربي في الحروب والسرايا.

وقد غزا النبي صلى الله عليه وسلم النصارى وأرسل إليهم سراياه وبعوثه، لكونهم داخلين في عموم المنهج النبوي الحكيم المأخوذ من شريعة الإسلام في أحكام السلم والحرب.

والغزوات التي غزاها ثلاث، وهي: غزوة دومة الجندل، وغزوة مؤتة، وغزوة تبوك. وعدد السرايا التي بعث بها النبي صلى عليه وسلم للنصارى أربع، وهي: سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل، وسرية كعب بن عمير داعيا لقضاعة، وسرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل، وسرية أسامة بن زيد إلى فلسطين وتخوم الشام.

وقد أكد المؤلف في حديثه عن هذه الغزوات والسرايا، على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يغزو ولا يبعث سرية إلا بعد بدو ظلم أو إعلان عدوان من قبيلة أو دولة كما هو الشأن بالنسبة لغزوة دومة الجندل في قضاعة وغسان، حيث كانوا يظلمون من مر بهم من التجار ويصادرون قوافلهم. وإن غزا عليه الصلاة والسلام، فإنه يمتثل ويأمر خلفاءه بالتزام مكارم الأخلاق وعدم البدء بالعدوان، وتجنب الغدر والمسارعة إلى السلم ما تراجع العدو عن إذايته وظلمه.

ومن المنهج الحكيم للمصنف أنه يختم بعض المباحث في غزوة أو سرية بربط الماضي بالحاضر باعتبار الدساتير الدولية اقتبست معظم قوانينها ونظمها من شريعة الإسلام ومن الهدي النبوي الشريف، وخاصة في مجال مواجهة الأعداء في حالتي الحرب والسلام.

ويختم المؤلف كتابه بمدخل “المعاهدات” التي تمت بين النبي صلى الله عليه وسلم والنصارى ممن صالحوه، فذكر ثلاث معاهدات وهي كما رتبها: معاهدة أكيدر دومة، مع أكيدر بن عبد الملك السكوني بدومة الجندل، وكان أكيدر ـ من كنده قد ملكهم، وكان نصرانياً، ثم معاهدة يوحنا بن رؤبة وكان نصرانياً وملكاً على آيلة وما حولها، وأخيرا معاهدة أهل جرباء وأَذْرُح الذين كانوا خليطاً من النصارى واليهود وغيرهم. وكلها معاهدات تبرز سماحة الإسلام ونبل مقاصده ورقي شريعته الجانحة دوما إلى الصلح والسلم والسلام ما جنح إليه غير المسلمين نصارى كانوا أو غير نصارى.

وينتهي المؤلف في خاتمة الكتاب إلى القول بأنه يتبين من خلال الأبواب الأربعة التي عبَر المسلمون منها إلى عالم النصرانية بأن ملوك النصرانية وعظماءها، وأحبارها لم يواجهوا دعوة النبي بحرب ضروس، ولا برد شنيع أو قول فاحش، ولم يجابهوها بالتصدي كما صنع ملك فارس، أو كما فعل اليهود، بل استقبلوها بترحاب وتقدير ومودة وأكرموا رسل النبي صلى الله عليه وسلم وحملوهم الهدايا الفاخرة والتحف النادرة، وأعزها وأغلاها مارية القبطية رضي الله عنها أم إبراهيم بن الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، وتمنوا كلهم أن يكونوا من أتباعه المقربين لديه وأحبابه، فقد حفظ هرقل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وورَّثها ذريته كأعز ما يورَّث من نفائس، كما آمن منهم النجاشي وحظي عند موته بصلاة الغائب من رسول الله، ولما جاءت وفودهم من نجران وغيرها أفراداً وجماعات لقوا من رسول الله وصحابته كل ترحيب وحاورهم وسألهم وحاوروه وسألوه.

ولكن لما تعرضت بعض القبائل العربية التي تنصرت من قبلُ ضد المسلمين واعترضت طريقهم وقوافلهم، وجب على المسلمين رد العدوان وإحباط المكر والكيد، وبالمقابل لم تكن بين المسلمين والنصارى في العهد النبوي وعهد الخلفاء من بعده حروب أو قتال دائم إلا حين نقضت المعاهدات والمواثيق. ولهذا كانت العلاقات الإسلامية النصرانية ليِّنة ندية.

وها هي الأيام تدور فتخرق الشرعية الدولية وتداس كل القيم والمبادئ الإنسانية، ويعتدى على المسلمين في عقر دارهم .

وما يمكن أن يسجل لهذا الكتاب النفيس ومنهجه العام:

  • إنه كتاب جاء في وقته معالجا قضية قديمة حديثة طارئة هي العلاقات التي تربط بين النصارى والمسلمين، ثقافيا وعمرانيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، ولا سبيل للتعايش إلا بإعادة بث روح القيم الإسلامية والنظم التشريعية وامتثالها والعمل بمقتضياتها.

– إنه محكم من حيث أبوابه ومواضيعه.

– افتتاح كل باب بآية قرآنية تكون بمثابة نص الانطلاق.

– التمهيد لكل باب أو مدخل بمقدمة تضع القارئ في الصورة العامة للموضوع ليكون تصوره شاملا.

– التعريف بالمفردات الغريبة، والمصطلحات التاريخية والموضوعية، وأسماء القبائل والأعلام، مما أعطى الكتاب ميزة الموضوعية والموسوعية.

– كثرة الاستشهادات والاستدلالات من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وآثار الصحابة والسلف والشعر العربي أعطى الكتاب جانبا حجاجيا وإقناعيا صرفا.

– تعزيز الكتاب بصور لأصول الرسائل النبوية ونصوص المعاهدات والخرائط، وتلك لعمري وسيلة من وسائل البيان وزيادة في الإيضاح والإفهام.

– توثيق النصوص وتخريجها وعزوها إلى ناقليها، تأصيلا وضبطا لأصول الشريعة الإسلامية وعلومها.

– كثرة المصادر والمراجع و تنوعها بين كتب الحديث والسير والمغازي وكتب اللغة والتاريخ والتراجم، مما أكسب المؤلَّف صفة تكامل المعارف والمشاركة العلمية.

ونقول ختاما: ليس غريبا أن يؤلِّف هذا السفر النفيس بمنهج قويم محكم عالم جليل وأستاذ مبرز في العلوم الإسلامية ومفكر إسلامي مقتدر إنه فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور فاروق حمادة، حفظه الله تعالى، فهو فارس قيَّضه الله للدفاع عن الإسلام وأعلامه وعلومه.

نفع الله بعلمه الأمة، وجعل خدمته للشريعة واللغة العربية ومُنافَحَته عنهما في ميزان حسناته آمين.

والحمد لله رب العالمين.

والله الموفق للصواب.

…………………………………………………………………………

 1- قدم هذا البحث للمشاركة في اليوم التكريمي الذي نظمته كلية الآداب والعلوم الإنسانية وشعبة الدراسات الإسلامية بالجديدة تكريما لفضيلة الدكتور المستشار فاروق حمادة.-

 2- اعتمدنا في هذه القراءة على الطبعة الثانية، دار القلم، دمشق، سوريا، 1431هـ/2010م.-

-3- المائدة / 82-83.

5 تعليقات على “قراءة في كتاب الأستاذ الدكتور فاروق حمادة (العلاقات الإسلامية النصرانية في العهد النبوي) أ.د. محمد أزهري

  1. يقول محسن:

    بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد الورى محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد:
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ؛ يشرفني أن أكون متواجدا في هذا الموقع المتواضع لفضيلة الدكتور محمد خروبات المشرف علي في بحث الإجازة ؛ وعليه أود أن أسألك يا أستاذي على قراءة وتقديم أ.د. محمد أزهري، لكتاب : ” العلاقات الإسلامية النصرانية في العهد النبوي” ؛ لـ أ.د. فاروق حمادة.
    هل تقديمنا للكتب يجب أن يكون وفق هذه المنهجية التي إعتمدها أ.د. محمد أزهري؟
    وهل عدد صفحات تقديم كتاب ـ يبلغ عدد صفحاته 488ـ يجب ألا تتعدى 10 صفحات؟

    1. وعليكم السلام ورحمة الله
      الطالب العزيز
      هذه قراءة في كتاب قام بها استاذ جامعي متخصص يمكنك الاستفادة منها لكن بحوثكم هي في تقديم الكتب ، وقد قدمت إليكم ورقة في الموضوع يجب الالتزام بها ، ويجب في المنهجية أن تتقيدوا بها .
      بالتوفيق إن شاء الله.

      1. يقول محسن:

        السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
        آمين يارب.
        للإشارة: بالنسبة لمنهجية تقديم كتاب؛ قلت لنا في الحصة السالفة أنك ستنشرها في الموقع أو في صفحتك الخاصة في الفايسبوك، حتى نستأنس بها في مسيرة بحثنا ، فهل هي موجودة في الأماكن المذكورة أم لا ؛ لأني قمت بالبحث في صفحة الفايسبوك فلم أجدها وكذلك بالنسبة في الموقع فلم أجدها.
        وشكرا.
        والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

        1. وعلكم السلام ورحمة الله
          التمسها الآن على الموقع ، وهي بعنوان ( ورقة في كيفية تقديم كتاب ) ، ركن المقلات.

          1. يقول محسن:

            لقد وجدتها ، شكرا لك ، وجزاك الله خيرا الجزاء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *