أ.د. محمد خروبات
أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب بمراكش
…………………………………………………………………
نص الشهادة التي قدمت في الندوة التكريمية التي نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة وشعبة الدراسات الإسلامية في دورة ” الدرس الحديثي في المغرب : المعالم والأعلام ” تكريما لفيضلة الدكتور المستشار فاروق حمادة ، ألقيت الشهادات والعروض بمدرج مركز دراسات الدكتوراه ، وقد التزمنا بالوقنت ورمنا الاختصار نزولا عند رغبة اللجنة المنظمة ، وفيما يلي نص الكلمة :
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فلم أتردد في تقديم هذه الشهادة في حق أستاذنا وشيخنا فضيلة الدكتور فاروق حمادة حفظه الله ، لأسباب منها :
أولا : إننا أمة الشهادة ، الله تعالى يشهد علينا وملائكته ، والنبي صلى الله عليه وسلم ، ونشهد على أنفسنا وعلى بعضنا وعلى غيرنا من الأمم ، وذلك كله بالحق ، يقول تعالى: ( ولا تكتموا الشهادة ، ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ) البقرة الآية 283، و يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنتم شهداء الله في الأرض )، صحيح مسلم ، كتاب الجنائز.
ثانيا : كيف لا أتقدم بهذه الشهادة وصلتي بشيخي امتدت لأكثر من ثلاثين سنة ، فقد درست السنة النبوية وعلومها على يديه ، في الإجازة ، وفي الدراسات العليا أيام تكوين المكونين ، وأشرف علي في بحث دبلوم الدراسات العليا وفي الدكتوراة ، ولم تنقطع الصلة مع فضيلته بل بقي التواصل معه مستمرا قبل تأسيس الدائرة العلمية للبحث في الدراسات الإسلامية , وأثناء التأسيس والعمل وبعد التوقف ، وفي كل هذه المحطات كان الدكتور فاروق حمادة معلما وموجها ومربيا ومكونا.
ثالثا : نتحلق اليوم حول الدكتور فاروق حمادة كما كنا نتحلق حوله في السنين الماضية ، وفي كل عام كان طلبته يزيدون أعدادا ، ونستطيع أن نميزهم إلى مراتب : الجيل الأول والجيل الثاني والثالث وهكذا ، فيهم الكبار والأوساط ، والذكور والإناث ، والمواطنين ومنهم من خارج الوطن ، وجل طلبته هم ممن يتحملون مسؤوليات إدارية وعلمية وصحافية وسياسية…إلخ ، وهذا كله بفعل الجاذبية التي يتميز بها فضيلة الدكتور فاروق حمادة ، وهي جاذبية متعددة الجوانب : جانبية علمية وتربوية وتكوينية وأخلاقية …
وإنني أتشرف أن أكون من الفوج الثاني من تكوين المكونين لسنة 1987م ، وهو فوج مكون من عشرة أفراد ، رسب منه إثنان وبقي ثمانية ، ومات من الثمانية إثنان وبقي ستة ، وتقاعد واحد والثاني في نهاية هذا العام ، والباقي على وشك التقاعد أيضا … الأيام تمر مر السحاب ، أنعت تلك الأيام بأيام التكوين كما كان بعض المحدثين ينعتون أيام تحصيلهم ب “أيام الأنصاري” .
رابعا : لم يكن فضيلته يلقي الدرس ويغادر بل كان يحرص على جمع طلبته على دروس العلم والتكوين ، وما زالت ذكريات السنين التي قضيناها مع فضيلته في ” الدائرة العلمية في البحث في الدراسات الإسلامية” راسخة في الأذهان بلقاءاتها ومجالسها وعروضها ومجلة ” بصائر ” الرائدة التي نشرت فيها خيرة البحوث التي ألقيت في الدائرة ، كان فضيلته يفتتح ملتقيات الدائرة بكلمة علمية محورية في موضوع اللقاء ، وقد دونت أشياء من ذلك بقلمي ، وهي كلمات تحتاج إلى جمع وتحرير إن شاء الله تعالى .
الكلام عن الدكتور فاروق حمادة يتطلب استحضار الوضعية التاريخية والمرحلة المفصلية التي مرت منها شعبة الدراسات الإسلامية بصفة عامة والدرس الحديثي فيها بصفة أخص ، إذا استحضرنا هذه المعطيات أدركنا حقيقة الانتقال الذي حصل للدرس الحديثي داخل الشعبة ، فالتقويم الحقيقي ينطلق مما كتبه ، وما درسه للطلبة في كل الأسلاك ، وما أشرف عليه من رسائل جامعية في التخصص ، ولن تفي هذه الشهادة المقتضبة بكل هذا ، لكن الإشارات الواردة فيها قابلة للشرح والتحليل على عدة مستويات ، وفضل شيخنا على طلبته كثير جدا نسأل الله عز وجل أن يجعله في ميزان حسناته ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.