الأسرة والتربية, فقه وأصول

حوار حول مطالب الحركة النسوية

بسم الله الرحمن الرحيم

اتصل بي بعض الطلبة من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش قصد إجراء حوار حول بعض مطالب الحركة النسوية ، وبعد وضع طلب في الموضوع لرئاسة شعبة الدراسات الاسلامية أحالهم السيد رئيس الشعبة علي لإجراء هذا الحوار الذي هو حوار إجرائي يدخل ضمن بعض المواد المقررة على الطلبة بالمدرسة الوطنية ، استجبت للطلب ورحبت بالطلبة ، وقدموا إلي ورقة تتضمن مجموعة من الأسئلة ، أجبت عليها في حوار أُجري بكلية الآداب بمراكش بتاريخ 24/03/2018 ، وكانت مقابلة encg كالتالي:

الإجابة على أسئلة الحوار

1- ماذا تعرفون حضرة الأستاذ عن الحركة النسوية؟

أ- الحركة النسوية هي حركة حديثة ، لم يكن لها وجود في القديم، وعدم وجودها في القديم لا يلغي مشروعية وجودها في العصر الحديث، ثم إن مشروعية الوجود تتمثل في مطالبها وكفاحها من أجل تحسين وضعية المرأة ، إذا كانت الحركة النسوية في العالم لها مطالب مرتبطة بواقعها فكذلك الحركة النسوية في المغرب لها مطالب تتصل بوضعيتها القانونية والاقتصادية والصحية والتعليمية والاجتماعية في المجتمع المغربي.

ب- الحركة النسوية هي حركات ، يعني أنها ليست حركة واحدة بالمفرد ، نذكر منها الحركة النسوية اليسارية ، والحركة النسوية اليمينية ، والحركة النسوية العالمية التي جعلت من يوم 8 مارس عيدا للمرأة ، والحركة النسوية الوطنية ، وقد يُطلق عليها بالإجمال “المسألة النسائية” .

ج-تعريفها أنها “حركة” ، والحركة هي ضد الجمود ، وأنها ” نسائية ” لا يقف وراءها الرجال ، بل التي تتحرك بأي نوع من المطالب هي المرأة نفسها .

2- ما موقف الشريعة الإسلامية من مطالب الحركة النسوية؟

أ- الشريعة الإسلامية ليست اليوم حكما في الموضوع ، لذلك لا يجب أن ننسب للشريعة أمور لم تساهم فيها ، فهذا اعتداء على بنودها وأحكامها التشريعية.

ب-  كل ما يتماشى مع الأحكام التشريعية فإن الشريعة الإسلامية تدعمه ، بل هو قسم منها لا قسيم لها ، وكل مطلب من المطالب مخالف لأحكامها لا تعطيه الشرعية ، وبالتالي لا تدعمه ، والفقهاء والمشرعون لا يمكنهم أن يخالفوا الشريعة في أحكامها .

3- نود أن تسلط الضوء على مكانة المرأة في الإسلام ؟

أ- مكانة المرأة تظهر من اللحظة التي جاء فيها الإسلام ، كيف وجد المرأة ، وكيف أصبحت فيما بعد.

ب- المرأة شاركت في أعباء الحياة كلها .

ج- الإسلام كرم المرأة كزوجة ، وكأم ، وكأخت وكعمة وكخالة وكبنت وكجارة ، ضمن لها حقوقها كاملة .

4-ما رأيكم في من يقول إن الإسلام حط من مكانة المرأة ؟

أ- كلام غير صحيح وغير سليم وغير مستقيم ، والذي يقول هذا الكلام لا يعرف الإسلام ، والذي يقول هذا الكلام إما من صنف المعادين للإسلام وأحكامه ولذلك كان هذا النعت جزءا من الحرب عليه ، وإما جاهل لا يعرف ، انساق مع أقوال المستشرقين في الموضوع ، هو بحاجة إلى معرفة سليمة عن دينه وعن أحكام شريعته .

ب-إذا كان الإسلام قد حط من مكانة المرأة فلماذا نهى عن قتلها ، وعن استعبادها ، وحدد الزواج بأربع فقط ، وضمن لها حق الإرث والشهادة والتربية والعلم والمعرفة والتكوين والمساهمة في تحمل أعباء الحياة ، ولماذا قال الله تعالى: ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)…، ولماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( النساء شقائق الرجال) ….،

5-هل المرأة تعاني فعلا من الاضطهاد في المجتمعات المسلمة كالمجتمع الغربي؟

أ-لا نقول بأن وضع المرأة في المجتمعات الإسلامية بخير مائة في المائة ، ولا إنها منحطة مهضومة مائة في المائة ، وضع المرأة هو كوضع الإنسان كله ، الرجل والطفل والبيئة والحيوان … وهذا الظلم لا تمكن نسبته إلى الإسلام ، لأن الإسلام غير مسيطر على الحياة كلها ، بل هو في العبادات فقط ، ومن العبادات : (استوصوا بالنساء خيرا)،( خيركم خيركم لأهله)، (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك)، (وبالوالدين إحسانا )، (أن اشكر لي ولوالديك )…

ب- تكريم المرأة في الإسلام داخل في العبادات ، فإذا كان داخلا في العبادات كيف نحمل الشريعة اضطهاد المرأة .

ج- لفهم طبيعة التكريم نقارن بين وضعية المرأة في ظل الأحكام التشريعية ووضعيتها في ظل الأحكام الوضعية والدينية الأخرى.

6-ما قولكم في بعض مطالب الحركات النسوية : كالمساواة بين الجنسين في الإرث ، حرية الدخول في العلاقات الرضائية خارج إطار الزواج ، والحرية المطلقة في اللباس؟

أولا : كثير من مطالب الحركة النسائية يجب الاستماع إليها بتأن وبروية ، ويجب استبعاد الأحكام المسبقة من هذا الطرف أو ذاك ، من هذه المطالب ما يكون مشروعا ، ففي بعض المجتمعات تحرم المرأة من الإرث، وهذا فيه معصية بليغة ، أو التلاعب بحقها في الإرث ، فهذا لا يقره الشرع وحتى القانون ، لكن لا يقابل التطرف بالتطرف ، فالمساواة بين الجنسين في الإرث لا يمكن لأي أحد أن يتصرف في تغييره كحكم شرعي ، لأنه موكول إلى الله عز وجل ، والعالم أو المسؤول لا يمكنه أن يدخل في حرب مع الله تعالى .

ب-العلاقات الإرضائية خارج إطار الزواج إلغاء للزواج وضرب له ، وإذا أُلغي الزواج ألغيت الأسرة ، وإذا ألغيت الأسرة ألغي المجتمع، وإذا ألغي المجتمع ألغيت الدولة والأمة .

ج-المطالبون بهذا المطلب تحركهم غرائزهم الجنسية لكنهم لا ينظرون في العواقب ، سئل النبي عن الزنا فقال للسائل : هل ترضاه لأمك ، ولبنتك ولزوجتك؟

د-الشريعة الإسلامية تكلمت عن اللباس ، لباس الحشمة والوقار ، والذي يضمن العفة والكرامة ، ولم تحدد لباسا بعينه بل هو موكول للعادات والأعراف ، لكن العري وكشف المحاسن من الجسد تحرش من المرأة أيضا للرجل ،فالرجل تتحرك فيه غرائز جنسية ، لذلك من الأولى سد الذريعة في وجه كل ما يثير الغريزة ، الشريعة أباحت للمرأة أن تثير محاسنها لزوجها لا لكل الناس .

7-هل المجتمعات الإسلامية  أبوية تطمس دور المرأة  فعلا ؟

أ-هذا السؤال لا يحتاج إلى جواب مني شخصيا ، يمكن لأي شخص له أب وأم ، أو أي فرد ينتمي إلى المجتمع المغربي أن يجيب على هذا السؤال : هل دور المرأة مغيب في البيت ؟ وهل الرجل يسعى إلى تغييب دورها كأم وكزوجة وكبيت …لا أعتقد ذلك.

قد يكون ذلك في بعض المجتمعات ، في بعض القبائل ، تتحكم فيه بعض العادات والأعراف ، وهذا بدأ اليوم يزول بفعل تطور وسائل الإعلام ، لأن منطق الحياة يرفضه ، والحياة لا تستقيم من دون تعاون بين الجنسين .

ب-لا نريد أن تكون الأسرة أبوية مائة بالمائة ولا أمية ( من الأم) مائة بالمائة ، بل تعاون دائم ومستمر نحو تحمل أعباء الحياة بين الرجل والمرأة ، والمدونة  في تعديلاتها الأخيرة أقرت ذلك.

8-إذا كان الإسلام يكرم المرأة ولا يجيز أي تصرف يمس كرامتها كيف تفسرون وجود بعض التصرفات المشينة والمهينة في حق المرأة في المجتمعات المسلمة مثل التحرش والحرمان من حقوقها في الإرث والدراسة إلى غير ذلك؟

أ-وجود هذه الظواهر هو وجود غير شرعي ، يدل على أن أحكام الشريعة الإسلامية في تحريم التحرش والمنع من الإرث غير مطبقة ، هذه تصرفات خاصة لا علاقة لها بالشريعة ولا يوجد ما يستند إليه في المنع من الإرث أو التحرش بنسبة ذلك إلى الشريعة الإسلامية ، فإذا كانت المطالب لرفع هذا الحيف فهي مطالب مشروعة .

9-أترى سيدي الأستاذ أن ادعاتءات الحركة النسوية حول كون شخص ما مسلما يتعارض ودفاعه عن المرأة أو حتى انتماؤه إلى تيار نسوي؟

أ- السؤال غير واضح ويحتاج إلى مزيد بيان .

ب- كأنني فهمت أن الذي يتكلم عن المرأة ويدافع عن حقوقها لا يجب أن يكون من صنف المتخصصين في الشريعة الإسلامية أو أن يكون منتميا إلى الحركة النسائية ، الجواب هو عدم الاعتقاد في ذلك ، لأن موضوع المرأة يخص كل الناس ، ومن حق أي أحد أن يتكلم في الموضوع ، لكن الكلام يجب أن يكون بالعلم والفهم ، العلم بالقانون وبأحكام الشريعة الإسلامية ، وفهم ما يجري في الواقعين المحلي والعالمي .

والحمد لله رب العالمين.

مقابلة encg

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *