نقدم في بداية هذه الحصة الأولى من محاضرات المادة بعض التوجيهات التي تخص طلبة مادة علوم الحديث ، وهي توجيهات تربوية وعلمية ، نعني ب “التربوية” ما يتعلق بأخلاق الطالب داخل حصة الدرس ، ونعني ب “العلمية “طرق تعامله مع المادة تحملا وتأدية ، وهي في مجموعها تصل إلى سبعة توجيهات:
أولا: احترام المكان ، وتقديره ونعني به قاعة الدرس ، لأن المكان هو مجلس للعلم الشرعي ، فله شرفه وقدسيته ، وكان العلماء يقدرون هذه المجالس ويضفون عليها من الوقار والاحترام ما يجعلها بيئة صالحة لرواية السنة النبوية ودرايتها ، فعلى الطالب أن يراعي هندامه وشكله الذي يدل على أنه طالب علم ، ويجلس بهدوء ووقار وعليه سمت طلبة العلم ، متسلحا بكل الأدوات التي تمكنه من تقييد العلم وتحصيله .
ثانيا: احترام الإنسان ، فالقاعة تضم بالإضافة إلى الأستاذ طلبة من الذكور والإناث ، كبارا وصغارا ، ولربما من أجناس مختلفة ، لذلك كان الاحترام واجبا ، ونعني به احترام الطلبة للأستاذ ، واحترام الإناث للإناث ، والذكور للذكور ، والذكور للإناث والعكس ،ويجب على كل واحد أن يعرف مكانه ، وحدوده .
ثالثا: احترام الزمان : ونعني به المحافظة على الوقت ، وقد علمنا الإسلام كيف نحافظ على الوقت من خلال أداء الفرائض ، ولهذا قرر الفقهاء قاعدة فقهية وأصولية ومقاصدية تقول: ” التوقيت بالتوقيف” ، فإذا تساهل الأستاذ وسمح للطلبة بالدخول إلى قاعة الدرس بعد بداية الحصة حصل التسيب ، ووقع التشويش ، وهذا لا يليق بالسير النظامي في التدريس لأنه يؤثر على التركيز ويقطع حبل الأفكار.
رابعا: الحضور وعدم الغياب ، وهي آفة تعرض إليها مادة علوم الحديث ولربما سائر المواد ، بعض الطلبة يغيبون طيلة الدورة ولا يظهرون إلا في الامتحانات ، وأثناء الامتحان وبعده يكثرون من الشكاوى ، حضور الطالب إلى الحصة ومواظبته عليها يعني أشياء كثيرة للأستاذ ، أقواها المواظبة والجدية والحرص ، وهي طرق موصلة إلى النجاح إن شاء الله .
خامسا: المشاركة العلمية داخل القاعة ، ونعني بها الحوار مع الأستاذ حول القضايا العلمية للمحاضرة ، يجيب الطلبة على أسئلة الأستاذ داخل الحصة ، وتوجيه أسئلة للأستاذ في آخر الحصة ، فالأستاذ يخصص بعض الدقائق في آخر الحصة للإجابة على استفسارات الطلبة وتوضيحاتهم .
مشاركة الطالب داخل حصة الدرس تعني تواجده ومشاركته ومتابعته ، وقد تفتح للطلبة بعض المشاركات في نشاط علمي يكون بالموازاة مع حصة المادة .
سادسا: استفادة المعلومات العلمية للمحاضرا ت من المرجع الذي يحدده أستاذ للمادة ، وهو “الكتاب الجامعي” المقرر، قد يكون من تأليف الأستاذ وقد يكون من تأليف غيره ، لكنه في التخصص ، بعض الطلبة يقتنون مصورات من خارج الكلية تباع على قارعة الطريق ، غير معروضة على الأستاذ وليس عليها ما يدل على أنها مراجع مقررة ، وبها أخطاء فادحة تجني على المعارف العلمية للطلبة فضلا عن اجتياز الامتحان .
سابعا: تحلي الطلبة بالصدق والأمانة ، فالطالب الذي يبدأ حياته بالغش في الامتحانات اكتب على قفاه لا يفلح ، فظاهرة الغش في الامتحانات استفحلت بشكل ذريع ، عند الطلبة والطالبات ، ومنهن اللواتي يستغلن حجابهن بالنقل عبر التقنيات الحديثة ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من غشنا فليس منا) .
تلك هي العناصر السبعة ، التي إن تحققت تحقق لدينا جانبا مهما من العمل بالسنة النبوية قبل تحصيل علمها ، وصلى الله على سيدنا محمد .