تقرير حول كتاب (كشف الخفي في فهم سنة النبي)
للأستاذ الدكتور محمد خروبات
صدر الكتاب عن دار الأحمدية للطباعة والنشر ، من حيث الشكل يقع الكتاب في 160 صفحة من حجم 14/21 ، وبحلة مقبولة ، ومن حيث المضمون يتناول موضوعات مهمة في السنة النبوية بمعالجة علمية وموضوعية.
ينقسم الكتاب إلى مبحثين : المبحث الأول خُصص لتاريخ السنة النبوية ، والمبحث الثاني خُصص لأمور علمية متعلقة بالسنة النبوية.
في “تاريخ السنة” يبحث المؤلف السنة النبوية خلال القرنين : الأول والثاني ، والسنة خلال القرنين الأولين فيها غموض عند الباحثين ، فكل من ألف في تاريخ السنة إنما توقف كثيرا عند القرن الثالث وما بعده ، وقليلا ما تتم الإشارة إلى القرن الثاني أو الاول ، وهذا راجع إلى وفرة المعلومات عن القرن الثالث، لذلك بحث المؤلف السنة في طورين : الطور الأول هو في حياته صلى الله عليه وسلم ، وفيه ثلاثة روافد : رافد في صلته بربه ، ورافد في صلته بنفسه ، ورافد في صلته بالمحيط الخارجي ، وفي هذا الرافد ميزتان : الاولى نهيه صلى الله عليه وسلم عن كتابة السنة ن والثانية إباحته لكتابتها.
أما الطور الثاني فيمتد بعد قبضه صلى الله عليه وسلم ، وهذا الطور فيه معياران : المعيار الزماني وجُعل على حقبتين : الاولى حتى سنة اربعين ، والثانية من سنة اربعين إلى نهاية القرن الثاني ، والمعيار العلمي والموضوعي جُعل على ثلاثة مراحل : المرحلة الأولى أطلقنا عليها “مرحلة التشكيل” ، حيث في هذه المرحلة تكونت السنة النبوية ، فهي مما أُثر عنه صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خُلقية أو خَلقية أو سيرة سواء قبل البعثة أو بعدها ، وتدخل فيها سنة الصحابة الكرام وآل بيته الأطهار وكانت على مدى القرن الأول.
والمرحلة الثانية سميناها “مرحلة التأصيل” ، وكانت على مدى القرن الثاني ، ونعني بالتأصيل أمورا ثلاثة : تدوينها في صحف مجموعة خشية الضياع ، والتأليف فيها بطريقة منهجية ثم البحث عن رجالها والتفتيش عن أسامي رواتها بطريقة محدودة جدا ، وكل أمر من الأمور الثلاثة رام جهة معينة ، فالأمر الاول رام جهة (التدوين الرسمي )، والأمر الثاني رام جهة (التأليف والتصنيف )، والأمر الثالث رام جهة (الجرح والتعديل) .
أما المرحلة الثالثة والأخيرة فهي ” مرحلة التكميل” وكانت على مدى القرن الهجري الثالث ، وهو الحد المقرر لها في هذا الطور ، لم نتوسع في قضايا هذه المرحلة لان الرسالة التي قدمناها في موضوع ( أبوحاتم الرازي وجهوده في خدمة السنة النبوية ) وبكل اجزائها ما طبع منها وما لم يطبع قد استجلت غوامض هذه الفترة من جميع الوجوه ، وما هذا الكتاب إلا تمهيد عام للرسالة ، وسيوسع أكثر من هذا القدر ليستوعب كل التفاصيل والجزئيات مع رصد المستجدات والتحديات ….
أما المبحث الثاني فقد خصصناه لقضايا علمية تخص السنة النبوية في جانبها العلمي ، من ذلك طرق لخدمة السنة النبوية ، مع تقديم مقترحات جادة وبناءة في فهمها وفي ضبط معرفتهان حددنا في جانب الخدمة العناصر الآتية : تعلم السنة – نشر السنة- العمل بالسنة- توقير حملة السنة ، وحددنا في جانب الذب عنها ما يلي: النظر في الشبهة ثم الرد عليها ، وقدمنا بعض القواعد المطلوبة في الرد.
أما في منهج ” فهم السنة وضبط معرفتها” فقد تم التلميح فيه إلى بعض معوقات الفهم وعرقيل الإدراك وعوائق المعرفة مؤكدين على ضرورة ارتباط ( الفهم) ب ( العلم) …ولحل الإشكالات الواقعة في فهم السنة وفي العمل بها دعونا إلى التفكير في ( علم تفسير السنة ) ، وقدتم التنصيص على ذلك في مقدمة الكتاب 🙁 ومع كل هذا فإن على علماء الأمة في هذا العصر أن يفكروا جيدا في أمر تقريب السنة إلى الناس ، وذلك بتيسير تفهيمها ، وبضبط تفسيرها في إطار علمي ومنهجي ، وهو الأمر الذي أدعو إليه من خلال التفكير في ( علم تفسير السنة النبوية) على الطريقة العلمية والمنهجية ، فالعلم ضابط في ثقافتنا الشرعية ، وعليه يتم التعويل في مأخذ الفهم ، وهو الذي يزيل الاختلاف المذموم لأنه يوحد القواعد ويجمع الضوابط والشروط…والعالم مأجور إن شاء الله) ص 9.