الموت والبيان النقلاني
في عصر كثر فيه الموت، أعني استهداف الإنسان وبصفة خاصة إنسان الإسلام بالموت ، في كل مكان وعلى جميع الأصعدة، وبكل المبررات، في عصر أصبح الموت هواية بالبدن والروح ، وموضة فكرية وثقافية .
في عصر حصد فيه الكوفيد 19 المستجد أرواحا كثيرة ، ولم يتوقف حصاده إلى حد كتابة هذه السطورمحدثا ضررا بليغا بالصحة والاقتصاد والاجتماع والمعرفة والسياسة .
في إطار هذه الموجة تنبري فئات تتسلح بشعار ” العقلانية” لتتحدث عن المعرفة الإسلامية بأنها معرفة الموت والظلام ، معرفة العدم والتيه ، مبررين ذلك بأنها ” ثقافة الأموات ” ، ثم إنها – حسب تصورهم- تدعو إلى الموت .
هذه كلها نعوت قدحية الدلالة ، فهم يعنون ب ” ثقافة الأموات ” أن المتكلمين فيها هم الأموات بسبب أنها تفسح المجال للموتى ليتكلموا ، ويفهم من الثانية ما فهمه كازانوفا وغيره من المستشرقين بفهم غير سليم .
يجب التساؤل بخصوص المعنى الأول : هل العقلانية لا تفسح في المجال للموتى ليتحدثوا ،لماذا يتكلم موتى اليونان والرومان ، وموتى القرون البائدة وحتى موتى القرون القريبة من الرياضيين والميكانيكيين والكوسمولوجيين والفلاسفة والأدباء والشعراء ، هل يستقيم وجود حضارة أو ثقافة لا يتكلم فيها الأموات ؟ إذا كانت هذه الحضارة موجودة فأين هي ؟ وإذا استحال وجودها فلِمَ يُفسح المجال للموتى بالكلام ، أليس التاريخ – وأنا هنا أتكلم عن تاريخ أي فن ومجال – هو مقبرة يتكلم فيها الأموات ويتحاورون ، أليس هذا هو خاصية كل حضارة ، وهوية كل ثقافة مع تباين واختلاف ؟ .
إذا كان كلُّ علمٍ لا يستطيع التخلص من ماضيه ، وأن أمواته يتحكمون فيه ، ويمارسون سلطة عليه فلم نجوز هذا لثقافة ولا نجوزه لأخرى، لماذا هو ضروري وحتمي وجائز في العقلانية وحرام وتسلط ودمار في النقلانية؟
وبخصوص قولهم في المعنى الثاني أن النقلانية تسعى إلى إزالة كل ما يعاكسها وتقضي بالموت على كل ما يخالفها نراه حيفا في حق ثقافة النقل ، وتحامل عليها ، النقلانية لا تقضي على معاكسها ، وقد أثبت التاريخ أن معاكسها عاش فيها ، واحتضنتْ المخالف من دون ضجر وذلك تحت رايات حضارات نقلانية متعاقبة عبر الزمن ، حضارات نشرت هذه الثقافة ، وحمتها ، وساهمت في تنميتها بكل الوسائل والإمكانيات ، وأثبث التاريخ عكس ما يحكم به اليوم على ثقافة النقل ، لماذا ؟ لأن الصراع ليس من طبيعة النقلانية ، مقولة ” الصراع الطبقي “، و” صراع الأجيال “، و” صراع الحضارات “، و”صراع القيم”، و” غزو الطبيعة” هي فلسفات ليست من خصوصية النقلانية ولا هي من مرجعياتها ، مقولة ” الصراع – الصرع” من المقولات المدسوسة في حقل هذه الثقافة ، وآن الأوان أن تعلن براءتها من هذا الوصف المخزي الذي نعتت به قسرا ، الصراع يعني الإبادة والقضاء على الآخر (فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية) ، شعار النقلانية ودعامتها هو التدافع لا التصارع ، وقد بينتُ ذلك في عمل منشور منذ ما يقرب من عشرين سنة ، والتدافع الذي تكلمت عليه هو الذي جعل النقلانية تحافظ على الإنسان والبنيان والعمران ، وترعى اللغة والتقاليد والأعراف ، وتتصدى للتطرف والغلو والتنطع ، وتعتبره من البدع المنكرة بل غلظت في ذلك أيما تغليظ ، إنها دعامة النقلانية وأحد خصوصياتها التي استثمرتها في بناء الذات وتنمية القدرات بكل تسامح ووسطية واعتدال، البناء من الفراغ لا أصل له، والنقلانيون لا يؤمنون به ، والتشييد والتكوين من العدم من خَلْق الإله ، أما ما يخالفها ويقف في طريقها ولربما يحاربها فبفعل ” التدافع الناعم” تدفعه ليغير موقعه من موقع الطلاح إلى موقع الصلاح ، من موقع الفساد إلى موقع النفع ، بل ذهبت الآية – وهي من القواعد العامة الكلية الموجهة – إلى أبعد من ذلك ، إنه التحول من العدو إلى الولي الحميم ( ادفع باللتي هي أحسن ، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) .
أما نعتها ب ” ثقافة الموت” فهو حق أريد به باطل ، حق لأنها تُذكر الإنسان ب ” الموت “، ولا تدعوه إلى الموت ، الكلام عن الموت ، وتشريحه وتشخيصه والتذكير به شيء ، والدعوة إليه شيء آخر ، ويكفي القول بأن الأحكام الشرعية الناظمة للنقلانية تُحرم قتل النفس ، أو حتى تمَنِّيه فكيف بالدعوة إليه ، لقد نظر كازانوفا – وهو مستشرق توفي سنة 1926م- بعين عوراء إلى الموضوع حين ظن بأن محمدا لم يجمع القرآن في عهده لأنه كان يتوقع قرب نهاية العالم ، ومقولة ” نهاية العالم” التي استوحاها من النص الشرعي وراءها تفسير قضايا كثيرة كان من نتائجها عنده ما تقدم ، وقد أصل ذلك في كتابه ” محمد وانتهاء العالم في عقيدة الإسلام الأصلية ” والكتاب نشره في باريس عام 1910م ، لم يتوقف الحكم عند كازانوفا وحده بل تعداه إلى مستشرقين كُثر، وامتدَّ إلى الثقافة العربية التابعة التي تقرر مثل هذه النعوت بكبرياء وغرور.
إن الحكم على النقلانية بأنها ثقافة الموت هو حكم مجانب للصواب ، جعلوه في هدفها وقصدها وهو في الحقيقة في سوء فهمها ومعرفتها ، فبالقدر الذي تتكلم فيه عن الموت تتكلم عن الحياة ، تتكلم عن الموت ( ليهلك من هلك عن بينة) ، وتتكلم عن الحياة ( ليحيا من حيي عن بينة ) وفي عقيدة النقلانية أن “الحياة” مخلوقة ، وأن ” الموت ” مخلوقة كذلك ، والغرض من خلقهما هو لأجل ابتلاء الإنسان بهما ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) ، وتَقَرَّر معرفيا أن أول موت هو ” العدم ” ، وحين خرج الإنسان من العدم إلى الوجود كان هذا الوجود ” حياة ” ، وهي الحياة الأولى للإنسان ، الحياة التي يحياها مع سائر الكائنات ، وهذا يدل على أن الحياة الأولى خرجت من الموت الأولى ” العدم” ، ثم إنه سيموت بعد ذلك ليحيا حياة أخرى ، تبشر هذه الثقافة معتنقيها والمؤمنين بها بأن تلك الحياة ، وهي الحياة الثانية ، هي الحياة الحقيقية الموصوفة ب ” الحيوان ” ، لكن ما العلاقة بين الإنسان والحيوان؟
العلاقة من الناحية اللغوية اشتقاقية، كلاهما على وزن فعلان ، الحيوان على وزن فعلان وكذلك الإنسان ، والألف والنون في الحيوان للمبالغة في الحياة ، وسمي به الدواب به وسائر الحيوانات لأنها ممتلئة حياة ، وكذلك في الإنسان الألف والنون صيغة مبالغة لامتلائه بالإنسية ،ووجه الفرق بينهما أن الحيوان كائن متحرك غير ناطق وغير عاقل ،وقد يقول قائل إنه ناطق بنطقه وعاقل بعقله ، نقول : إنه غير ناطق مثل نطق الإنسان ، وغير عاقل مثل عقل الإنسان، لذلك أُنيط التكليف بالثاني ورفع عن الأول، ولم يكن وجوده عبثا في الحياة بل وجوده وجود تسخير ، سخره الله للإنسان ( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ) ، ( وكذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون) ووجه آخر هو أن الإنسان وإن شارك الحيوان في الحياة فإن هذه الحياة وُصفت ب ” الدنيا” ، ولم توصف الحياة ب ” الحيوان ” إلا في الآخرة ، ( وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون) ، ومن هنا فالإنسان لا يكون “حيوانا” إلا في الآخرة ،لأنه يكون حيا حياة حقيقية ، وقد نعتته الآية بذلك لأن الإنسان لا يموت فيها ، ويحيا فيها على الدوام ، وأما قولنا في العادة ” إنسان ” و” حيوان ” فهو للتمييز ليس إلا ، تمييز الكائن المكلف والمستخلف ، صاحب الأمانة ومسئولية عمارة الأرض ، وينعت الإنسان بالحيوان في بعض الاطلاقات العُرفية ، تنصرف إلى القدح حين يخرج الإنسان عن إنسانيته ليصبح مثل الحيوان في سلوكه وتصرفاته كما سياتي بيانه .
أما الحيوان فهو اسم يقع على كل شيء حي ذي روح، فهو جنس الحي ، وأصله في اللغة “حييان” ، فقُلبت الياء التي هي لام وواو استكراها لتولي اليائين لتختلف الحركات ، ومنهم من يرى أن الواو أصلية فيها، وهي على جميع الوجوه لا تفيد القدح أصلا، لكن يجوز تشبيه بعض الإنسان ببعض أنواع الحيوانات ( فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) ، (كمثل الحمار يحمل أسفارا) ، وهي كلها تشبيه في حق الإنسان الذي يلغي عقله ، ويقفل قلبه ، ويعطل حواسه في التدبر والتفكر ، فينسى المسؤولية والأمانة وما لأجله وُجد، ويطلق العنان لشهوته الجامحة .
تضع النقلانية أمامك دارين: إحداهما ” أولى” ، والثانية ” أخرى” ، حياة تكون هنا ، وحياة تكون هناك ، لا فصل بين الحياتين ، ولا فرق بين الموتين ، الحياة الأولى سبب للثانية ، لن تتحقق لك الثانية إلا بحسن استغلالك للأولى في حدود الامتثال ، وتقدم لك النقلانية بُرهانا على أنك في كل يوم تموت وتحيا ، تموت في النوم ، وتحيا في اليقظة ، وهما معا يشكلان شيئا واحدا ، هذا الشيء هو الحياة الأولى ، إنك في كل يوم تأخذ درسا في موضوع ” الموت والحياة ” بطريقة تطبيقية وعملية.
إن إطلاق ثقافة الموت على النقلانية هو نعت لا يتطابق مع حقيقة هذه الثقافة ، والسبب الوجيه هو أن هذه الثقافة هي الثقافة الوحيدة التي تحكم على الموت بالموت ، كما لا توجد ثقافة تعطي لمعتنقيها حياة أطول وعمرا أكبر من هذه الثقافة ، وعليه يمكن تصنيف الإنسان من هذا المنظور إلى أربعة أصناف جامعة : ميت حي ، وحي ميت ، وحي حي ، وميت ميت ، وسنفصل في هذه الأصناف :
– الميت الحي : من لحقه الموت في جسده ، وطوى بدنه ، لكن عمله في العلم والعمل بقي لمن بعده ، يذكر به عبر السنين ، هذا الذي نُطلق عليه ” الميت الحي” ، وهو على أنواع ذكرها الحديث المرفوع : ( إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله من الدنيا إلا من ثلاث : ولد صالح أو صدقة جارية أو علم ينتفع به) ، وتؤكده الآية الكريمة التالية: ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون) ، لقد مات الأنبياء وبقيت دعواتهم ، مات العلماء وبقي علمهم ، مات الشهداء وبقي أثرهم .
لم يُزِلِ الموت وجود بعض الناس ، هم حاضرون في وجداننا وأحلامنا وذكرياتنا، حضور ساهموا فيه هم أنفسهم لما كانوا أحياء في وقت زال آخرون من ذاكرتنا ، لا نملك نحن الأحياء افتعال تذكير ميت أو نسيانه ، إن الحاضر هو الذي ساهم في حضوره ، وإن المنسي هو الذي ساهم في نسياننا إياه ، ويجب التذكير بأننا نحتفظ للموتى بذكرياتهم في تصورنا لكننا لا نسلمهم مقود قيادة الحياة ( تلك أمة قد خلت ) .
– الحي الميت: هو الجسد الحي ، المتحرك ، لكنه ميت في علمه وعمله ، لا يقدم صالحا ، يعيش للبدن فقط ، يقتات كما تقتات البهائم ، مع خلاف هو أن البهائم تقتات وليس عليها تكليف ، وهي تتماشى في وجودها وسعيها مع فطرتها المجبولة عليها ،( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ) ، هؤلاء هم الذين يقولون ( ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) ، وعلى خلاف هؤلاء يأتي الصنف الثالث ، وهو الصنف الذي تتركب فيه الحياة مرتين.
– الحي الحي: هو الذي يحيا حياته بالعمل المطلوب فعله ، والعمل عملان : عمل وفق الامتثال ، وعمل لا يراعي الأوامر ولا يجتنب النواهي ، الأول عمل صالح ، والثاني طالح ، والكل مراقب ، ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) ، العمل كله على نوعين : في الصالح ما هو جارٍ وماهو ظرفي- أي: ليس من الأعمال التي يجري ثوابها على الإنسان بعد موته ، وفي الطالح ما هو جارٍ وما هو ظرفي كذلك ، ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بهابعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) ، وعلى هذا البيان والتوجيه يبقى الإنسان حيا إلى الأبد إن حيي في هذه الحياة ، ويموت إلى الأبد إن هو مات في الحياة ، والصنف المقصود من خطاب النقل هو الإنسان الحي ، وهو الإنسان الذي لم يلحقه الموت بعد، إن كان على الانحراف عليه بالرجوع، وباب التوبة مفتوح ما لم يغرغر، عليه ب ” التوبة” ليظفر بالسعادة ، وليكون حيا ، والحياة هنا على معنيين: حي مذكور في الدنيا بعمله ، زرعه يوم كان في” الحياة الدنيا “، يذكره الأحياء فيها فيترحمون عليه ويدعون له بالمغفرة، وحي غير مذكور في الدنيا ، لا يستحضره ولا يذكره أحد، لكنه حي هناك بشهادة في سبيل الله أو بعمل لا يعرفه إلا الله.
تتوجه النقلانية بالخطاب إلى ” الحي” لا إلى الميت ، يوجهه الوحي فيأمره وينهاه ، ويوعده ويتوعده ليرشده إلى الطريق المستقيم، الطريق المعبر عنه ب “الصراط” ، فالعمر ما هو إلا ساعات محدودات في أيام معدودات وأشهر محسوبات وسنين ممدودات ، المطلوب من هذا الصنف أن يكون ( في الدنيا كالغريب أو عابري سبيل) ، لكن ليس بالمعنى السلبي الذي يعني التواكل والانعزال ، لأنه إن فعل كان من صنف ” الحي الميت” ، بل عليه أن يستجيب للتوجيهات المستوحاة من كلام الوحي ، ومنها قول عبد الله بن عمر : ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك) ، وقوله : ( اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، صحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك ، وغناك قبل فقرك،وحياتك قبل موتك) ، وهذا الصنف هو أكيس الناس ، و ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت) .
– الميت الميت: هو من طواه الموت بمرة، لا يُذكر في الدنيا بشيء أبدا، هذا الصنف ساهم في موت نفسه بنفسه ، فهو يعلم بأن الموت حال به لا محالة لكنه لم يتزود لمرحلة ما بعد الموت بعمل من جنس الأعمال المطلوب فعلها ، وهو على نوعين: نوع لا يُذكر بمرة كأنه ما كان على هذه الأرض ، ونوع إذا ذُكر ذُكر بالسوء لكونه سن سنة سيئة ، و (من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) ، وإذا كان النوع الأول لم يترك ما به يُذكر من العمل الصالح فإن النوع الثاني يذكر بالذم ، وقد حفظ القرآن بعضا من هذا النوع بالاسم الخاص مثل فرعون وأبي لهب وأحيمر ثمود وأبرهة صاحب الفيل ، فأبو لهب وامرأته اعتديا على نبي الله ، وفرعون اعتدى على وحدانية الله ، وأحيمر ثمود عقر ناقة الله، وأبرهة الحبشي اعتدى على بيت الله وغير ذلك، أو بالوصف العام من مثل الكذابين والمستهزئين والمنافقين والكافرين إلخ ، وتَبِعَتْ ثقافةُ النقل القرآن الكريم في ذلك فحفظت في سجلاتها أسماء أصحاب البدع والضلالات والمتنبئين والوضاعين الكذابين في الحديث ، وكل من صنف في النظريات المنحرفة التي تُسيء إلى الله ورسوله ، هؤلاء طلبوا الشهرة والصيت فتحقق لهم ذلك ، وقد اتضح بالاستقراء أن النقلانية خلدت ذكر من أساء إليها ، وكذلك من أحسن إليها، فلينعم المحسنون بصيت محمود أبد الدهر ، وليشقى المسيئون من أصحاب الحضور والظهور بصيت مذموم أبد الدهر ، و ( كل يعمل على شاكلته) .
فقرة من فصول كتابنا المرتقب حول ( المعرفة الأسمى أو الموت النقلاني : ثقافة موت الموت)
في كل مرة تلتقط عيناي اسم خروبات يدفعني الفضول دفعا الى اكتشاف جديد إبداع في طرح الافكار وصوغها وتنضيضها وتقديمها في غاية الدقة والجمالية.
ما أحوج الفكر الاسلامي الى مثل هذا الطراز. وما أجمل أن تعاد صياغة مضامين النقل الشرعي في ثوب العقلانية. ولكنه ثوب شرعي، فهو بهذا حجاب يستر عورة العقلانية المنفلتة من القيود والضوابط الدينية، ويضفي عليها لباس التقوى.
اللهم بارك في أستاذنا العالم الجليل الرباني وانفعنا بعلمه ومنهجه العلمي العالي.
لحسن الزاهي: من الرباط_ ماستر الفكر الاسلامي ومناهج التجديد بمكناس