الدرس السابع : الركن الثالث والرابع :
طواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة
بسم الله الرحمن الرحيم ،
لماذ الجمع بين الركنين ؟
جمعنا بين الركنين لأن الشرع جمع بينهما بترتيب السعي على الطواف بالترتيب التوقيفي ومن دون فصل زماني بينهما بخلاف الإحرام والوقوف ، فالإحرام لا يتخلف عن الميقات المكاني ، وكذلك الوقوف بعرفة لا يتخلف عن يوم الوقوف ، أما من طاف فعليه بالسعي بين الصفا والمروة.
أولا : طواف الإفاضة.
1- ركنية الطواف :
منصوص عليه بقوله تعالى ( ثم ليقضوا تفثهم ، وليوفوا نذورهم ، وليطوفوا بالبيت العتيق) [1].
وقد ذهب بعض الفقهاء أن المقصود بالطواف هنا طواف الإفاضة ، ورآى غيرهم غير ذلك ، لكن الثابت في الموضوع ما أخرجه مسلم في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ( ثم ركب رسول صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت )[2] .
2- شروط الطواف:
أ- من شروط طواف الإفاضة عدم الاعتقاد في مندوبيته بل الجزم بركنيته ، حتى لا يفسد الحاج حجه بأن طوافه هذا هو تطوع ، لأنه إذا نوى ذلك بقي عليه الإتيان بهذا الركن.
ب- الطهارة شرط في صحة الطواف ، فهو مثل الصلاة ، فما يلزم الصلاة من طهارة يلزم الطواف أيضا ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على طهارة متمكنا ، وكذلك فعل الصحابة ، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أم المؤمنين أن تطوف بالبيت وهي حائض حتى تطهر .
ج- ستر العورة بالنسبة للذكر والأنثى .
د- الطواف بالبيت سبعا ، والبداية من الحجر الأسود ، وتنتهي الأشواط السبعة إليه ، وجعل البيت على اليسار .
هـ- الموالاة ، أي أن تتوالى الأشواط السبعة الواحدة تلو الأخرى إلا لصلاة الفريضة ، وإذا ذهب لقضاء حاجة بدأ من البداية وألغى ما كان قد بدأه.
3- واجبات الطواف:
أ- ركعتا الطواف بعد الانتهاء من الأشواط السبعة ، يضع مقام إبراهيم أمامه باتجاه القبلة ويصلي ، وإذا تعذر عليه ذلك فمن المسجد محافظا على الاتجاه ، وإذا تعذر عليه ذلك صلاهما في أي مكان من المسجد ، دليلها قوله تعالى : ( وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا، ، واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)[3] .
ب- المشي للقادر عليه ، فإذا كان قادرا وركب فعليه دم ، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف ماشيا .
4- سنن الطواف:
أ- تقبيل الحجر الأسود في أول الطواف قبل أن يبدأ بالطواف دليل ذلك قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهو يطوف بالبيت : ( إنما أنت حجر ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك )، ثم قبله [4].
إذا تعذر عليه تقبيله لمسه بيده ، وإذا تعذر عليه اللمس باليد لمسه بعوده أو بما في يده ، وإذا تعذر عليه كل هذه أشار إليه بيده ، وإذا تعذر عليه كبر ، ويسن التكبير عند كل تقبيل.
ب- تقبيل الركن اليماني ، والركن اليماني هي واجهة الكعبة من الركن الثالث إلى الحجر الأسود ، يقبله في الطواف الأول ، ويسقط التقبيل بالعذر المانع ، وإذا وصل إلى جهة الركن اليماني في الطواف يدعو بما علمه الله تعالى بقوله : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار)[5] .
يقول مالك بن أنس : ( سمعت بعض أهل العلم : يستحب إذا رفع الذي يطوف بالبيت يده عن الركن اليماني أن يضعها على فيه) [6].
ب- يسن الدعاء للطائف ، بما في كتاب الله ، وبما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعاؤه بحاجته هو الأبلغ ، وليس في الدعاء حد معين يدعو بما شاء لمن شاء ، كما يجوز له قراءة القرآن أيضا عند الطواف.
ثالثا: السعي بين الصفا والمروة.
1- ركنية السعي:
لقوله تعالى:(إن الصفا والمروة من شعائر الله ، فمن الحج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ، ومن تطوع خيرا فإن الله شاكرعليم )[7] .
والثابت في حجة النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما طاف سعى بين الصفا والمروة ، كما أنه أمر عليه السلام بالسعي بينهما لقوله : ( اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي) [8]، وكتب بمعنى فرض.
2- شروط السعي:
أ- لا يصح السعي إلا إذا سبقه طواف واجب وصحيح .
ب- البداية بالصفا والختم بالمروة في سبعة أشواط كاملة وتامة ، دليله حديث جابر بن عبد الله قوله : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرج من المسجد وهو يريد الصفا : ” نبدأ بما بدأ الله به ” ، فبدأ بالصفا ) [9].
ج- أن تتوالى الأشواط من دون انقطاع طويل ، فلا يقطع إلا للصلاة او لحاجة قاهرة ، وليس فيها هرولة .
3- واجبات السعي:
أ- السعي مشيا للقادر عليه ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سعى ماشيا ، فقد روى جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل من الصفا والمروة مشى حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى يخرج منه )[10] .
وإذا سعى القادر على المشي راكبا فعليه دم ، أما العاجز فلا دم عليه .
ب- ستر العورة بالنسبة للذكر والأنثى.
4- سنن السعي:
أ- الصعود على الصفا والمروة بالنسبة للرجال ، وإذا تعذر على المرأة ذلك فتقف أسفله .
ب- لا تتكلف المرأة الازدحام مع الرجال في الرقي على الصفا والمروة ، ولا في تقبيل الحجر الأسود .
ج- تقبيل الحجرالأسود قبل الشروع في السعي .
د- الدعاء على الصفا والمروة ، روى جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثا ، ويقول : ( لا إلاه إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، يصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو ، ويصنع على المروة مثل ذلك) [11]،
وفي حديث جابر عند مسلم : ( فوحد الله وكبره وقال : ” لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إلا إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده) [12]. وله أن يدعو بما شاء ، فليس في الدعاء شيئا محددا.
هـ- الوقوف على الصفا والمروة من دون جلوس ، لأن الجلوس مكروه.
و- الطهارة بالنسبة للمحرم ، فإذا انتقض وضوءه أو تذكر يندب له أن يتوضأ ، ويبني على الموالاة الواجبة في السعي .
نشر على الموقع بتاريخ 20/7/2019
…………………………………………………………………………….
[1]– سورة الحج الآية 29.
[2] – طرف من حديث حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، أخرجها مسلم في صحيحه من حديث جابر ، كتاب الحج ، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، 2/862 رقم 1218.
[3]– سورة البقرة الآية 125.
[4] – أخرجه مالك في الحج ، باب تقبيل الركن الأسود في الاستلام ، الموطأ بشرح الزرقاني 2/305-306 رقم الحديث 835.
[5]– سورة البقرة الآية 201.
[6]– موطأ مالك بشرح الزرقاني 2/305-306 رقم الحديث 835، كتاب الحج ، باب تقبيل الركن الأسود في الاستلام ،
[7]– سورة البقرة الآية 158.
[8] – أخرجه الإمام أحمد في المسند 6/421 -422، وابن سعد في الطبقات 8/195 ترجمة رقم 4191 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/97.
[9]– أخرجه مالك في الموطأ ، كتاب الحج ، باب البدء بالصفا في السعي.أنظر الموطأ بشرح الزرقاني 2/313 رقم الحديث 846.
[10]– أخرجه مالك في الموطأ ، كتاب الحج ، باب جامع في السعي. أنظر الموطأ بشرح الزرقاني 2/318 حديث رقم 851.
[11]– المصدر السابق 2/314 رقم الحديث 847..
[12]– صحيح مسلم ، كتاب الحج ، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، 2/888 رقم الحديث 1218.
Scroll To Top